St-Takla.org  >   Saints  >   Coptic-Orthodox-Saints-Biography
 

سير القديسين والشهداء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

القديس مارتينيان المتوحد *

 

عناوين: (إظهار/إخفاء)

حربه مع الشيطان
توبة زو من قيصرية
وحدته على صخرة
سفره إلى أثينا

St. Martinian

 

وُلد في قيصرية فلسطين في منتصف القرن الرابع، في وقت حكم الإمبراطور قسطنطيوس Constantius، وكان غنيًا جدًا، بهي المنظر، جليل القدر. أحب الرب جدًا، والتهب قلبه شوقًا إلى العبادة، وفي الثامنة عشر من عمره اعتزل في جبل لتابوت أو "مكان الفُلك". مارس حياة الفضيلة، واشتهر اسمه حتى تعجب منه شيوخ المتوحدين.

 

St-Takla.org Image: Saint Martinian, monk of Caesaria in Palestine - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس مارتينيان المتوحد، من قيصرية فلسطين - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

St-Takla.org Image: Saint Martinian, monk of Caesaria in Palestine - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس مارتينيان المتوحد، من قيصرية فلسطين - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

حربه مع الشيطان:

إذ نما في حياة الوحدة صار إبليس يحاربه بتجارب كثيرة نهارًا وليلًا، أما هو فكان يزداد قوة بالمسيح يسوع مخلصه. ظهر له تارة وهو يصلي على شكل تنين مخيف. صار يحفر أساسات قلايته حتى كادت القلاية تسقط عليه. أدرك القديس أنها حرب شيطانية فلم ينشغل بما يدور حوله. وإذ انتهى من صلاته تطلع إلى الشيطان وهو هادى القلب جدًا، ثم قال له: "ما أحسن ما تفعله الآن على الأرض يا من كنت قبلًا تريد أن ترتفع فوق الكواكب وتجلس عن يمين العليّ. أذكر أن يسوع المولود من العذراء قد سحق رأسك، ومن ثم لا تقدر أن تؤذيني ولا أن تخيفني ما دام يسوع يقويني ويعضدني.

تحول الشيطان إلى شكل شاب واخذ يتوعده وقال له بصوت مخيف: "انتظر قليلًا يا مارتينيوس، يا أيها المتوحد، الوقت قريب فيه انتصر عليك وأخزلك وأطردك خارج قلايتك التي تعتبرها كحصنٍ حصين لا تقدر عليه قوات الجحيم. إني بنفسي أزعزعك وأجعلك كورقة انتثرت من شجرة وقد عبث بغصونها الريح وذهب". فلم يبالِ القديس بكل هذه التهديدات.

 

توبة زو من قيصرية:

بعد انقضاء خمسة وعشرين عامًا في البرية وهو يمارس حياة النسك والفضيلة بكل نشاط نصب له الشيطان فخًا. إذ اتفق أن بعض الأشخاص كانوا مجتمعين في مدينة قيصرية وكانوا يمدحون الآباء المتوحدين خاصة القديس مارتينيان. سمعتهم سيدة شريرة باغية تدعى زو Zoe فقالت لهم أن ما تقولونه عن المتوحدين لا حقيقة فيه. انهم يشبهون التبن الذي يحتفظ بطبعه مادام لم يلمسه نار أو كدب يظن أنه قوي وهو في جحره لا يخرج. ثم قالت لهم إني مستعدة أن أبرهن على ذلك، وطلبت منهم مبلغًا من المال وهي تغريه وتسقطه في الخطية وتكشف لهم عن حقيقة مارتينيان. ووافق الكل.

سارت في الصحراء متجهة إليه في شكل امرأة فقيرة وقد ارتدت ثيابًا رقيقة جدًا حتى وصلت في وقت متأخر من الليل حيث قلاية هذا الأب وصرخت وكانت تتحدث بلهجة حزن أسيف أنها تهلك بسبب البرد القارس وتقترب من الموت من شدة الإعياء وأنها معرضة أن يفترسها وحش.

سمع الأب أناتها وصار في صراع بين الرحمة والحنو على سيدة في وسط البرية تتعرض للموت وبين التزامه بالحذر على طهارته وعفته. وإذ طال الصراع قليلًا غلب الحنو على الخوف. اقتنع مارتينيان أن يبقيها تلك الليلة في قلايته. وفتح الباب ثم اوقد لها نارًا، وقدم لها طعامًا، وطلب منها أن تترك القلاية باكرًا جدًا. ثم ذهب ليبيت في قلاية أخرى، وبقى الليل كله ساهرًا يصلي كعادته.

أما المرأة فنهضت باكرًا جدًا وألقت جانبًا ملابسها البالية وظهر تحتها أفخم الملابس المزخرفة وتزينت ومكثت تنتظر القديس.

وإذ فتح باب القلاية ظانًا أنها انطلقت فوجئ بهذا المنظر فسألها "من أنت؟" أجابته أنها المرأة التي أوت عنده الليلة، وأنها قد جاءت من قيصرية ولديها أملاك عظيمة وثروة هائلة، عرضتها كلها عليه لتكون تحت أمره بالإضافة إلى نفسها أيضًا. جاءت لكي تخدمه وتطيعه وتعيش معه. وإذ أخبرها أنه راهب متوحد بدأت تتحدث معه عن قديسين أغنياء متزوجين مثل إبراهيم وإسحق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء والآباء. لم يهرب القديس بل سقط في الفخ إذ شعر بأن نيران الشهوة قد تأججت في داخله.

سمع مارتينيان لكلامها ووافق في قلبه لاقتراحها، وإذ كان يتوقع بعض الزوار القادمين لأخذ بركته قال لها أنه سيذهب لمقابلتهم في الطريق ويصرفهم ثم يعود إليها. خرج من قلايته بهذه النيّة ولكن في الطريق شعر بتأنيب الضمير فرجع مسرعًا إلى قلايته حيث أشعل نارًا عظيمة ووضع قدميه فيها وهو يقول: "جرب يا مارتينيان الشقي هل تستطيع أن تحتمل النار الأبدية؟" خرج من النار عاجزًا عن السير فركع أمام الله يعلن توبته عن نيران الشهوة التي اشتعلت في فكره. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ).

كان ألمه شديدًا جدًا حتى أنه لم يستطع منع نفسه من الصراخ. وعندما سمعت المرأة صوته أسرعت داخلًا ووجدته يتلوى على الأرض من الألم وقدماه قد احترقتا. فلما رآها صاح قائلًا: "إن كنت لم أستطع تحمل هذه النار البسيطة فكيف أحتمل نار الجحيم؟" للحال قدّمت زو توبة وتوسّلت إليه أن يضعها في طريق التوبة والخلاص، فأرسلها إلى دير القديس بولا ببيت لحم حيث عاشت بقية حياتها في التوبة.

 

وحدته على صخرة:

ظل مارتينيان غير قادر على النهوض من الأرض مدة سبعة شهور، وما أن شُفيت قدماه قرر الهروب إلى برية أخرى لا تقدر سيدة ما أن تأتى إليها، فاعتزل إلى مكان آخر عبارة عن صخرة محاطة بالمياه من كل جانب حتى يحصن نفسه من الخطر واحتمالات الخطية. نزل إلى ساحل البحر وسأل البحارة عن مكان مهجور فأجابوه أنه توجد جزيرة بها صخرة عالية جدًا غير أن الموضع مخيف ولا يمكن أن يسكن فيه أحد ترجاهم أن يعرفوه عن هذا الموضع فذهب معه أحدهم واتفق معه أن يحضر إليه ثلاث مرات في السنة يحضر فيه خبزًا وماء وسعف نخل يشتغل به. ووعده القديس أنه سيصلى من اجله وأن يقدم له المقاطف التي من عمل يديه. وكان متهللًا بالروح، يعبد الله وسط حر الصيف وصقيع الشتاء.

 

سفره إلى أثينا:

في أحد الأيام رأى سفينة تتحطم بالقرب من جزيرته وقد غرق كل من فيها ماعدا فتاة واحدة تعلقت بلوحٍ خشبي دفعتها الأمواج إلى الشاطئ وصرخت طالبة النجدة. فنزل مارتينيان وأنقذها، ولكن لخوفه مما حدث له قبلًا ولكن تحت الشعور بالمسئولية والمحبة حمل خبزًا وماءًا وقدمه لها وسألها أن تبقى في موقعها حتى يأتي البحار الذي يحضر له مئونته بعد شهرين قال لها أنه لا يليق أن يبقى التبن مع النار. رسم نفسه بعلامة الصليب وصرخ إلى الله ثم ألقى بنفسه في البحر قائلًا: "يا رب أني أخاطر بحياتي ولا أخاطر بعفتي".

إذ عاد البحار إلى الجزيرة وجد الفتاة ولم يجد المتوحد خاف جدًا وأراد أن يهرب فصرخت وروت له ما حدث وأكدت له أنها مؤمنة. فتقدم إليها وقدم لها المئونة العادية. طلبت منه أن يعاملها كما كان يعامل القديس المتوحد، وأن يحضر لها المئونة كل أربعة اشهر، فإنها لا تريد العودة إلى العالم. طلبت منه أن يأتي إليها بثوبٍ رهباني وأن يحضر معه زوجته وخادمته وأن يحضر لها صوفًا تغزله له جزاء إحسانه عليها. هكذا اختارت أن تقضي بقية حياتها على الصخرة تمثلًا به. عاشت ستة سنوات حتى أسلمت روحها الطاهرة فحمل البحار وزوجته جسدها إلى قيصرية حيث دفنت بإكرام عظيم.

أما القديس فوضع ثقته بالله وألقى بنفسه في البحر حتى وصل إلى اليابسة. انتقل من مدينة إلى أخرى حتى بلغ أثينا وهناك مرض جدًا فدخل الكنيسة وطلب منه كاهن أن يستدعى الأسقف. فظنه الكاهن في غير وعيه لكنه اخبر الأسقف وكان قد شاهد رؤية أنه سيرى هذا القديس. طلب من القديس أن يذكره في الفردوس. وطلب القديس منه أن يناوله، فتناول وأسلم روحه في يد مخلصه.

وتنيّح وله من العمر حوالي خمسين عامًا.

مع أن سيرة القديس مارتينيان غير مذكورة في سِيَر القديسين لكنيسة روما، إلا أنه لقي احترامًا شديدًا في الشرق، خاصة في القسطنطينية.

العيد يوم 13 فبراير.

_____

* المرجع Reference (الذي استخدمه كتاب قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية للقمص تادرس يعقوب ملطي):

Butler, February 13.

الأب بطرس: مروج الأخبار في تراجم الأبرار، بيروت 1999، شباط 14.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Saints/Coptic-Orthodox-Saints-Biography/Coptic-Saints-Story_1569.html

تقصير الرابط:
tak.la/zjtjg86