St-Takla.org  >   books  >   adel-zekri  >   augustine-consentius-120
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الرسالة رقم (120): إلى كونسينتيوس - القديس أغسطينوس - ترجمة: د. عادل زكري

7- المنطق السليم مع الإيمان مُفضل عن المنطق المغلوط

 

(8) لذلك حتى يسربلنا الإيمان بالتقوى كان لا بُد للإيمان أن يكون سابقًا في قلوبنا على المحاججة العقلية، والتي بمصاحبة نور الحقيقة داخلنا، ننهض لإدراك أن هذه الأصنام ضلال؟ وبالتالي عندما يعمل الإيمان في دائرته الخاصة، ثم يتبعه العقل، سيجد العقل شيئًا مما يطلبه الإيمان. ومِن ثَم يجدر بنا بلا شك أن نفضل على المنطق المغلوط ليس فقط المنطق الذي به نفهم ما نؤمن به، بل أيضًا نفضل عليه الإيمان ذاته بالأمور التي لم نراها بعد.

من الأفضل أن تؤمن بشيء صحيح لكنه لا يُرى، من أن تأخذ بصحة شيء مغلوط تراه. لأن الإيمان له عيونه الخاصة التي بها يرى بطريقة ما أن ما لا يراه بعد هو حقيقي، والتي بها يرى بشكل يقيني أنه لا يرى بعد ما يؤمن به. كذلك مَن يفهم الآن بالاستدلال العقلي الصحيح ما كان يؤمن به منذ فترة من الزمن هو بالتأكيد مُفضلٌ عن الذي لا يزال يرغب في أن يفهم ما يؤمن به. لكن إذا لم يكن لديه أيضًا رغبة في أن يفهم، ويعتبر أن هذه الأمور التي يجب أن تُفهم تختص بالإيمان فقط، فهو لا يعرف الفائدة التي يجلبها الإيمان؛ لأن الإيمان التقوي لا يرغب في أن يكون بلا رجاء أو بلا محبة. وبالتالي فإن الإنسان المؤمن يجدر به أن يؤمن بما لا يراه بعد، لكيما يرجو ويحب تحقق هذه الرؤية.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The Cave Church in the Monastery of St. Paula in the Red Sea, Egypt - September 13, 1983 - Saint Paul Monastery, Red Sea, Egypt - Photograph by Mr. Ezzat Mina - used with permission for St-Takla.org. صورة في موقع الأنبا تكلا: كنيسة المغارة بدير الأنبا بولا بالبحر الأحمر بمصر - 13 سبتمبر 1983 م. - دير الأنبا بولا، البحر الأحمر، مصر - تصوير أ. عزت مينا - موضوع بإذن لموقع الأنبا تكلا.

St-Takla.org Image: The Cave Church in the Monastery of St. Paula in the Red Sea, Egypt - September 13, 1983 - Saint Paul Monastery, Red Sea, Egypt - Photograph by Mr. Ezzat Mina - used with permission for St-Takla.org.

صورة في موقع الأنبا تكلا: كنيسة المغارة بدير الأنبا بولا بالبحر الأحمر بمصر - 13 سبتمبر 1983 م. - دير الأنبا بولا، البحر الأحمر، مصر - تصوير أ. عزت مينا - موضوع بإذن لموقع الأنبا تكلا.

(9) في واقع الأمر نحن نرى بالإيمان فقط أشياءً مرئية حدثت في الماضي، لأنه لا رجاء في رؤيةٍ ثانيةٍ لشيءٍ ولىَّ مع الزمن. نحن نعتبرها منتهية وماضية كما تم التعبير عنها بالكلمات الآتية: ”الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايا“ (1بط 3: 18)، ”عَالِمِينَ أَنَّ الْمَسِيحَ بَعْدَمَا أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يَمُوتُ أَيْضًا. لاَ يَسُودُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ بَعْدُ“ (رو 6: 9). كذلك نؤمن بتلك الأحداث التي لم توجد بعد لكنها ستأتي، مثل قيامة أجسادنا الروحية، ونؤمن بها بطريقة ما بحيث نرجو رؤيتها، لكن لا يمكننا اختبارها الآن.

وكذلك الأشياء التي ليست ماضية ولا مستقبلة، لكنها باقية إلى الأبد، بعضها غير مرئي مثل العدل (البر) والحكمة، وبعضها مرئية مثل جسد المسيح، الذي هو غير فانٍ الآن. لكن الأمور ”غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ“ (رو 1: 20) عندما تُفهم، وبهذا الشكل فهي أيضًا مرئية بطريقة خاصة وملائمة بها. وعندما تُرى فإنها تصبح متيقنة أكثر من الأشياء التي تختبرها الحواس الجسمية، لكنها تُوصف بأنها ”غير منظورة“ لأنه لا يمكن رؤيتها إطلاقًا بواسطة هذه العيون الفانية. من الناحية الأخرى، تلك الأشياء الباقية والتي هي منظورة يمكن أن تُرى بهذه العيون الفانية إذا استُعلنت. كما ظهر الرب نفسه للتلاميذ بعد قيامته،[16] وكذلك ظهوره للرسول بولس وللشماس استفانوس بعد صعوده.[17]

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(10) ولذلك نحن نؤمن بهذه الأمور المنظورة الباقية بطريقة ما بحيث برغم أنها لم تُستعلن لنا فإننا نرجو أن نراها يومًا ما، ونحن لا نبذل أي جهد لنفهمها بالاستدلال العقلي والتفكير إلا لكي نميّز في تفكيرنا بينها وبين الأمور غير المنظورة، طالما أنها منظورة. وعندما نتخيل كيف تبدو في فكرنا، فإننا نعرف جيدًا أنها غير معروفة لنا. لأنني أفكر بطريقة ما في أنطاكية، كمدينة غير معروفة لي، وبطريقة أخرى في قرطاج التي أعرفها بالفعل. لأن ذهني يكوِّن لي صورة (متخيلة) عن الأولى لكنه بالفعل يتذكر الأخرى. ومع ذلك لا شك في ذهني أن اعتقادي بالأولى مبنيٌّ على دليلٍ مستمد من شهادات كثيرة، لكن اعتقادي بالأخرى مبنيٌّ على رؤية عيني.

إلا أننا لا نتخيل صورةً للعدل والحكمة أو أي شيء آخر من هذا النوع بطريقة ما، ثم ننظر إليهم بطريقة أخرى. لكننا نتصور هذه الصفات غير المنظورة بالانتباه البسيط للذهن وبالعقل، وبدون أي أشكال أو قياسات مادية، وبدون أي ملامح أو مظهر للأعضاء، وبدون أي مساحات مكانية، سواء محدودة أو غير محصورة.

النور نفسه الذي نميّز به كل هذا، والذي نعي به ما نؤمن به بدون معرفته، والذي به نعي ما نعتقده كموضوع للمعرفة، وبه نعي أي شكل مادي نستدعيه للذاكرة، ونعي به أي عضو حسي هو الذي يدرك، ونعي به ما يتخيله العقل في شكل جسم، ونعي به ما هو حاضر للعقل كشيء يقيني لكنه مختلف تمامًا عن أي جسم مادي- هذا النور الذي تتمايز به كل هذه الأفعال الذهنية غير منتشر في مكان خاص، مثل ضياء هذه الشمس أو ضياء أي نور مادي، ولا يضيء عقولنا كما لو كان ضياءً منظورًا، لكنه يشرق بشكل غير منظور وبشكل غير موصوف، ومع ذلك بشكل معقول، وهو متيقن كحقيقة في ذاته مثل الوقائع التي نراها متيقنةً بواسطته.[18]

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[16] قارن (مت 28: 9، 10؛ مر 16: 5، 7، 9؛ لو 24: 4- 7؛ 15: 36؛ يو 20: 14، 19؛ 21: 1).

[17] قارن (أع 9: 3- 5؛ 7: 55).

[18] هذه الفقرة مهمة جدًا في نظرية الإشراق أو الاستنارة عند أغسطينوس، الذي يرى أن إشراق النور الإلهي يعيننا على الإيمان والتصديق والتذكر والإدراك، وأن نفوسنا لا تنير لنفسها بل تحتاج مددًا من النور الإلهي حتى تستنير. (المترجم)


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/adel-zekri/augustine-consentius-120/sound-vs-faulty-reasoning.html

تقصير الرابط:
tak.la/g8f4sya