مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الإيمان وقانون الإيمان - القديس أغسطينوس - ترجمة: د. عادل زكري

21- الفرق بين الجسد والجسم

 

(24) وبالتالي سيقوم الجسد ثانية بحسب مبادئ الإيمان المسيحي -الإيمان الذي لا يمكن أن يضللنا. إذا بدت العقيدة لا تصدق من أي أحد، فهذا بسبب أنه يفكر في الجسد كما هو الآن، وليس كما سيصير عليه في المستقبل، لأنه في لحظة تحوله الروحي لن يبقى فيما بعد لحمًا ودمًا بل سيبقى فقط جسمًا body. الرسول يقول متحدثًا بالإشارة إلى الجسد flesh ”لِلْبَهَائِمِ جَسَدٌ flesh آخَرُ، وَلِلسَّمَكِ آخَرُ، وَلِلطَّيْرِ آخَرُ. وَأَجْسَامٌ bodies سَمَاوِيَّةٌ، وَأَجْسَامٌ bodies أَرْضِيَّةٌ“ (1كو 15: 39، 40). لاحظوا إنه لا يتحدث عن ”جسد سماوي“ بل يذكر فقط ”أجسام“ سماوية وأرضية.[53]

St-Takla.org Image: The five senses: touch, sight, hearing, taste and smell. صورة في موقع الأنبا تكلا: الحواس الخمسة: حاسة اللمس - حاسة النظر - حاسة السمع - حاسة التذوق - حاسة الشم.

كل ما هو جسد flesh هو جسم body أيضًا، لكن ليس كل جسم body هو جسد flesh في نفس الوقت. لنبدأ بأشياء أرضية: الخشب هو جسم body، لكنه ليس جسدًا flesh، لكن بينما الجسم والجسد كلاهما ينتميان للإنسان والبهيمة. لكن في العالم السماوي لا يوجد أجساد، بل يوجد فقط أجسام نقية يسميها الرسول ”روحانية“. هناك البعض ممن يدعونها ”أثيرية“. وبناء على ذلك، تأكيد الرسول بأن ”لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ“ (1كو 15: 50) لا يتعارض مع قيامة الجسد، لكنه يعلن ما ستكون عليه في المستقبل هذه الطبيعة التي هي الآن لحم ودم.

الشخص الذي لا يؤمن بأن الجسد يمكنه أن يتحول إلى هذا النوع من الطبيعة يجب أن ينقاد إلى هذه العقيدة خطوة بخطوة. فإذا سألته هل يمكن أن يتحول التراب إلى ماء، فهذا لن يبدو غير قابل للتصديق بالنسبة له بالنظر إلى التقارب الطبيعي بين العنصرين (الماء والتراب). وإذا سألته ثانية هل يمكن للماء أن يتحول إلى هواء، سيجيب بأن هذا أيضًا ليس مستحيلاً. وإذا طُرح سؤال هل الهواء يمكنه أن يتحول إلى أثير، أي إلى جسم سماوي، فإن نفس التقارب الطبيعي سيجعل الحجة مقنعة.

وبالتالي لماذا لا يسلِّم غير المؤمن بأن ما هو ممكن من خلال هذه المراحل المتتابعة -أي تحول التراب إلى جسم أثيري- يمكن أن يحدث لحظيًا وبحسب كلام الرسول ”فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ“ (1كو 15: 52)، بتدخل نفس إرادة الله الذي جعلت من الممكن للجسم البشري أن يمشي على المياه؟^[54] بطريقة مشابهة نلاحظ بأي سرعة مذهلة يتحول الدخان إلى لهب.

بالتأكيد جسدنا مصنوع من التراب، وهناك حُجج فلسفية تبرهن الرأي القائل بأنه لا يمكن لشيء ترابي أن يوجد في السماء، وكثيرًا ما تُقدم هذه الحجج للطعن في إيماننا بقيامة الجسد. غير أن الفلاسفة يقرون بأن أي جسم يمكن أن يتحول ويتغير إلى أي نوع آخر من الأجسام.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

عندما تصبح قيامة الجسد حقيقة واقعية ونتحرر من ضرورات الوجود الزمني، سنختبر التمتع الكامل بالحياة الأبدية في محبة لا توصف وثبات لا يخيب أبدًا. جينئذٍ ستتحقق الكلمات المكتوبة: ”ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ. «أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟»“ (1كو 15: 54- 55).

هذا هو الإيمان الذي سُلّم للمسيحيين الجدد. عليهم أن يعترفوا به في كلمات قليلة محتواة في قانون الإيمان. أمّا المؤمنون فهذه الكلمات القليلة معروفة جيدًا لهم. وبالإيمان بها به فهم يخضعون لله، وبخضوعهم لله يعيشون حياة صالحة، وبحياة صالحة يحصلون على نقاوة القلب، وبالقلب النقي يفهمون الأمور التي يؤمنون بها.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[53] he does not say celestial flesh, but celestial and terrestrial bodies.

[54] قارن (مت 14: 25).

الفهرس

الإيمان وقانون الإيمان - القديس أغسطينوس كتب عادل زكري

مواصفات الكنيسة الجامعة الرسولية

---