St-Takla.org  >   books  >   fr-pakhomius-marcos  >   visiting-iniquity
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب إيمان الكنيسة حول آية: أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضيَّ - القس باخوميوس القمص مرقص جبرة

11- شرح القديس أغسطينوس للآية

 

القديس أغسطينوس

بالرغم من أن القديس أغسطينوس لديه الكثير من التأملات الرائعة، وبالرغم من أن قصة توبته كانت ملهمة لكثيرين عبر التاريخ، إلا أن الكنيسة الأرثوذكسية لا ترى الكمال في بعض شروحاته. فهو يُطبق قصة توبته الشخصية وكأنها هي طريقة التعامل الوحيدة لله مع الإنسان، لذلك يضع بعض التعاليم المنتقصة في دور النعمة ودور الإنسان في الخلاص. كذلك يرى بعض الباحثين تأثره بفلسفة ماني[75] الذي سار على تعاليمه فترة. ومن هذه التعاليم أن المادة شر والجسد شر. وهكذا ظن أغسطينوس أن مجرد تواجد الإنسان في الجسد فهو ذنب وخطية، ليس بسبب خطية آدم الموروثة لكل البشر فقط، بل بسبب خطايا الأب والأم ويجوز أيضًا بسبب خطايا الجد والجدة. فالآية التي نبحثها في هذا الكتاب أخذت منحنى حرفي غريب عند القديس أغسطينوس حتى وقع هو نفسه في مأزق لم يستطع الخروج منه. فيقول إنه إذا كنا نرث خطية آبائنا، فماذا عن أجدادنا الذين قبلهم؟ بهذا سيكون كل من جاء متأخرًا في التاريخ ملعونًا أكثر! أم أن الله الرحيم -حسب وجهة نظر القديس أغسطينوس – سيكتفي بميراث أربعة أجيال فقط من الخطايا لئلا نحمل لعنة أكثر من اللزوم؟ ينتهي تعليق القديس أغسطينوس بأنه لا يعلم!

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

St-Takla.org Image: Saint Augustine of Hippo (354–430 AD), Roman African, early Christian theologian and Neoplatonic philosopher from Numidia. - from: The True Perceptions and Lives of Illustrious Greek, Latin and Pagan Men, book by André Thevet, 1584. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أغسطينوس أسقف هيبو (354-430 م.) - من صور كتاب ملاحظات حقيقية من سير رجال مشهورين من اليونان واللاتين والوثنيين، لـ:أندريه ثيفيت، 1584 م.

St-Takla.org Image: Saint Augustine of Hippo (354–430 AD), Roman African, early Christian theologian and Neoplatonic philosopher from Numidia. - from: The True Perceptions and Lives of Illustrious Greek, Latin and Pagan Men, book by André Thevet, 1584.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أغسطينوس أسقف هيبو (354-430 م.) - من صور كتاب ملاحظات حقيقية من سير رجال مشهورين من اليونان واللاتين والوثنيين، لـ:أندريه ثيفيت، 1584 م.

ترجمة نص القديس أغسطينوس

{وقد قيل، بكثير من الاحتمالية، أن الأبناء متورطون في ذنب الخطايا، ليست فقط الخاصة بالأولين (آدم وحواء)، ولكن أيضًا الخاصة بالوالدين المباشرين (الأب والأم). لأن القضاء الإلهي "أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ" ينطبق بالتأكيد عليهم قبل أن يأتوا تحت العهد الجديد بالتجديد (بالمعمودية). وهذا العهد الجديد هو الذي تم التنبؤ عنه حين قيل بحزقيال: " اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ" ولا يجب أن يُقال هذا المثل: "الآبَاءُ أَكَلُوا الْحِصْرِمَ وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ؟" بعد الآن في إسرائيل. هنا تقع الأهمية بأن يولد كل إنسان من جديد، وأن يتحرر من الخطية التي وُلِدَ فيها. لأن الخطايا التي تُقتَرف بعد ذلك يمكن علاجها بالتوبة، كما نرى الحال من بعد المعمودية. وهكذا فإن الميلاد الجديد لم يُعَيَن فقط لأن الميلاد الأول كان مملوء بالخطية، بل لإنه كان مملوء بالخطية جدًا لدرجة أن المولود من زواج شرعي يقول: "هأَنَذَا بالآثام صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطايا حَبِلَتْ بِي أُمِّي."[76] لم يقل "بالإثم" أو "بالخطية"، بالرغم من أنه لو قالها هكذا فهي صحيحة، ولكنه فضّل أن يقول "الآثام" و"الخطايا" لأنه في (داخل) هذه الخطية الواحدة التي اجتازت كل البشر- والتي كانت عظيمة جدًا حتى أن الطبيعة البشرية تعرضت للموت المحتوم بسببها – خطايا كثيرة يمكن تمييزها كما أظهرت سابقًا[77]. وبالإضافة إلى ذلك، فهناك الخطايا الأخرى التي للوالدين المباشرين (الأب والأم)، وبالرغم من أنه ليس لها نفس التأثير في احداث تغير في الطبيعة، إلا أنها تُعرّض الأبناء إلى ذنبٍ، إلا إذا تدخلت النعمة والرحمة الإلهية لإنقاذهم.

 أما بخصوص خطايا بقية الأسلاف الذين توسطوا آدم والوالدين المباشرين، فالتساؤل قائم بشدة إذا ما كان يتورط كل مولود في كل الأفعال الشريرة المتراكمة في الخطية الأصلية متضاعفة (عبر كل الأجداد)، وهكذا يولد الأخير في حالة هي الأسوأ؛ أو ما إذا كان الله يهدد أن يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء للجيل الثالث والرابع، لأنه في رحمته، لا يُطيل سخطه ضد خطايا الأسلاف أكثر من ذلك، لئلا يُسحَق أولئك الذين لا ينالون نعمة التجديد تحت حِملٍ ثقيلٍ لو أنهم أُجبَروا على تحمل -بالإضافة للخطية الأصلية – كل خطايا الأسلاف منذ بداية الجنس البشري، وأن يدفعوا الجزاء الواجب عليها كلها؛ أو ما إذا كان هناك جوابًا آخر لهذا السؤال العظيم يمكن أو لا يمكن أن يوجد في الكتاب المقدس (يأتي) عن طريق بحث مجتهد وفهم أكثر حرص، فأنا لا أجرؤ أن أؤكد بتسرع.} [78]

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

وهكذا، ففي هذه الآية نرى القديسون كيرلس الكبير وجيروم وماريعقوب السروجي وما نُسب للقديس أمبروسيوس يجدون تعبيرًا وإيحاءً على طول أناة الله. أما القديس يوحنا ذهبي الفم فيرى فيها أمرًا خاصًا جدًا في الظرف التي قيلت فيه. وأيضًا أجمع هؤلاء مع أوريجانوس أن لفظ غضب الله تشير إلى اهتمام الله وإرادته أن يفرح الإنسان بالحياة معه، ولكن الغضب الحقيقي لله يظهر من خلال الابتعاد وعدم التوبيخ أو التأديب.

أخيرًا نقف أمام أوريجانوس وأغسطينوس، فلقد طار بنا الأول محلقًا في سر من أسرار الحياة الروحية، أما الأخير فسقط في حفرة لم يستطع أن يقوم هو منها.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

والمجد لله على كل شيء.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[75] كان ماني ينادي بوجود صراع أبدي بين الخير والشر وبالتالي بين إله الخير وإله الشر، وهكذا فإن الجسد شر ويميل لطاعة إله الشر. وقد قال ماني عن نفسه أنه رسول يسوع المسيح وأنه هو الباراقليط الذي أتي من بعد صعود المسيح. كذلك يؤمن ماني أن يسوع المسيح هو إنسان قد استنار، وأن ماني حدث له نفس الاستنارة، كما أنه اعتبر نفسه خاتم الأنبياء. درس ماني تعاليم المسيح والعهد القديم، وتعاليم بوذا وزرادشت. وقد كانت فلسفته عبارة عن خليطًا من هذه المعتقدات.

[76] مز 51: 5. الترجمة اليونانية واللاتينية لهذا المزمور تذكر "الآثام" و"الخطايا" في صيغة الجمع، على عكس اللغة العبرية -اللغة الأصلية للمزامير- وكذلك الترجمة العربية البيروتية (المنتشرة بين أيدينا) والإنجليزية King James حيث تُورَد الألفاظ "الإثم" و"الخطية" في صيغة المفرد.

[77] في الفصل السابق في كتاب Enchridion للقديس أغسطينوس، يذكر أن الخطية الواحدة التي اقترفها آدم يمكن تحليلها لعدة عناصر. فهناك الكبرياء والتجديف لأنه لم يؤمن بكلام الله، والقتل لأنه أدخل الموت إلى العالم، والزنا الروحي لأنه سار وراء الحية، والسرقة لأنه أخذ ما لا يحل له، والجشع لأنه اشتهى أكثر مما يكفيه، وهكذا كل نوع من الخطايا يمكن أن نجده داخل خطية آدم.

[78] Augustine, The Enchridion, NPNF 103 Ch. 46 & 47.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-pakhomius-marcos/visiting-iniquity/augustine.html

تقصير الرابط:
tak.la/an56pcn