St-Takla.org  >   books  >   fr-youhanna-fayez  >   trials-of-jesus
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب محاكمات السيد المسيح وصلبه حسبما جاءت في العهد الجديد: دراسة تاريخية وتحليلية - القمص يوحنا فايز زخاري

44- ثالثًا: عُنْوَانٌ عَلَى الصَّلِيبِ

 

كانت عادة الرومان أن يكتبوا فوق المصلوب جريمته التي أودت به إلى عقوبة الصلب، ولذلك:

 

(متى37:27)

(مر26:15)

(لو38:23)

(يوحنا19:19)

جَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً:

"هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ".

وَكَانَ عُنْوَانُ عِلَّتِهِ مَكْتُوبًا: "مَلِكُ الْيَهُودِ".

وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: "هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ".

وَكَتَبَ بِيلاَطُسُ عُنْوَانًا وَوَضَعَهُ عَلَى الصَّلِيبِ. وَكَانَ مَكْتُوبًا: "يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ مَلِكُ الْيَهُودِ".

 

وهنا نرى أن العُنْوَانٌ المَكْتُوبٌ فَوْقَ الرب كما قدمته البشائر الأربعة كما يلي:

«هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ» (متى37:27). «مَلِكُ الْيَهُودِ» (مرقس26:15).

«هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ» (لوقا38:23). «يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ مَلِكُ الْيَهُودِ» (يوحنا19:19).

ويعلق القديس يوحنا ذهبي الفم على هذا التبايُن فيقول: [الروح القدس لا يلغي شخصية الكاتب ولا يُفقِدها حُريتها، فكُل كاتبٍ يتكلم لُغته الخاصة، ويُعَبر وفقًا لتعبيره وأسلوبه الخاص... فالله يُوحِي للإنسان، والإنسان يُقدم الوحي بحسب ثقافته وبيئتِه وإدراكه العلمي وقت الكتابة. فيستعمل مُفردات لُغته ومشاعره للتعبير، إلا أن الوحي المقدس يُوَجِّه الكاتب ويَعصِمه من الخطإ.][331]. ولذلك فإن اختلفت العبارة لكن المعنى واحد.

وقد ظهر رمز هذا العنوان في الأيقونات: [بهذه الحروف: JNRJ – INRI وهي اختصار:Jesus Nazarenus Rex Judaeorum. مع العلم بأنه لا يوجد حرف J في اللاتينية، وكان يُستخدم بدلًا منه حرف I][332]

«قَرَأَ هذَا الْعُنْوَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ يَسُوعُ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ. وَكَانَ مَكْتُوبًا بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَالْيُونَانِيَّةِ وَالّلاَتِينِيَّةِ. فَقَالَ رُؤَسَاءُ كَهَنَةِ الْيَهُودِ لِبِيلاَطُسَ: "لاَ تَكْتُبْ مَلِكُ الْيَهُودِ، بَلْ إنَّ ذَاكَ قَالَ أَنَا مَلِكُ الْيَهُودِ" أَجَابَ بِيلاَطُسُ: "مَا كَتَبْتُ قَدْ كَتَبْتُ"» (يو20:19-22).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

«يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ مَلِكُ الْيَهُودِ»: عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ، بالعِبْرَانِيَّةٍ ليقرأه اليهود، وَالْيُونَانِيَّةِ وَالّلاَتِينِيَّةِ ليقرأه الرومان وباقي الأمم. وكان قَصْدُ بيلاطس أن يطعن اليهود ورؤساءهم طعنة قاسية فِي كرامتهم. فدَعْنا الآن من كراهية اليهود للمسيح وحسدهم، فهو يَصلِب «مَلِكُ الْيَهُودِ»، هزيمةٌ وعارٌ فِي تاريخ هذه الأُمَّة أن يُصلَب مَلِكُها. وعبثًا قالوا «لاَ تَكْتُبْ مَلِكُ الْيَهُودِ»، بل إن ذاك قال «أَنَا مَلِكُ الْيَهُودِ!». لقد سألهم بيلاطس أأصلب مَلككم؟! ولم يفطِنِوا لهذه الطعنة التي وَجَّهها لهم بيلاطس. وصار الهُزء والعار لمَلِكِ الْيَهُودِ. وعبثًا هتفوا «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إلاَّ قَيْصَرَ!» (يو15:19).

St-Takla.org Image: The Crucifix (Crucifixion of Jesus Christ, with [possibly] Saint Mary) (image 5), workshop of Fra Angelico, ca. 1442, fresco, 61 x 31.5 in. (155 x 80 cm). Cell 15 (Novice) - Museum and Convent of St. Mark Church (Basilica di San Marco), Florence (Firenze), Italy. It dates back to the 12th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 3, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: الصلبوت (صلب السيد المسيح - وتظهر القديسة مريم [في الأغلب]) (صورة 5)، رسم من ورشة الفنان فرا أنجيليكو، 1442 م. تقريبًا، بمقاس 155×50 سم.، قلاية 15 - صور دير ومتحف كنيسة مارمرقس (سان ماركو: القديس مرقس الإنجيلي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع إلى القرن الثاني عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 3 أكتوبر 2014 م.

St-Takla.org Image: The Crucifix (Crucifixion of Jesus Christ, with [possibly] Saint Mary) (image 5), workshop of Fra Angelico, ca. 1442, fresco, 61 x 31.5 in. (155 x 80 cm). Cell 15 (Novice) - Museum and Convent of St. Mark Church (Basilica di San Marco), Florence (Firenze), Italy. It dates back to the 12th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 3, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الصلبوت (صلب السيد المسيح - وتظهر القديسة مريم [في الأغلب]) (صورة 5)، رسم من ورشة الفنان فرا أنجيليكو، 1442 م. تقريبًا، بمقاس 155×50 سم.، قلاية 15 - صور دير ومتحف كنيسة مارمرقس (سان ماركو: القديس مرقس الإنجيلي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع إلى القرن الثاني عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 3 أكتوبر 2014 م.

يقول القديس كيرلس الكبير: [اعترض قادة اليهود على كتابة العنوان، وأثار حِقدهم المرير. ومَرةً ثانية يُنكرون ملكوت المسيح، ويقولون فِي غَباوة إننا لن نَقبَلَه ملِكًا. لقد كان هو فعلًا ملكَ اليهود، ولذلك كان رفض بيلاطس تغيير العنوان إشارةً ضِمنية إلى قبول الأمم فِي المستقبل للمسيح كملِك. ورغم أن بيلاطس لم يفعل هذا لِتمجيد مُخَلِّصنا، لكن كانت هذه إرادة الله غير المُدركَة، لأَن الصليب كان بداية تأسيس ملكوت المسيح الذي ثَبَتَتْ أركانه دون أن تَقْوَى أي قوة على أن تُزَعزِعَه.][333]

[وكلمة النَّاصِرِيُّ في العهد الجديد لها عدة استعمالات: ἀπὸ Ναζαρέτ من الناصرة (أع10: 11، مرقس1: 9، يوحنا1: 45، أعمال10: 38). وأيضًا Ναζωραῖος وَهِيَ من الأصل العبري נְזִ֧יר النذير (قضاة13: 5)، وهو "الغصن من أصل يسي" (إش11: 1). وقد أشار المسيح إلى هذا في (لو23: 31)، لكن عبارة "يسوع الناصري" تؤكد أَنَّهُ من الناصرة.][334]

أما [كتابة بيلاطس الوالي: «هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ» فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ إيذانا برفع العداوة بينهم، ودخولهم في شركة المصلوب لقيادة العالم الجديد باتجاهاته الجديدة.][335]

هذا هو "الصَّكُّ الَّذِي عَلَيْنَا". قال عنه مار بولس إن الرب «رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّرًا إيَّاهُ بِالصَّلِيبِ. وبه جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ، أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ.» (كولوسي2: 14-15). ورغم أن المسيح لم يكتب هذا العنوان ولا سَمَّره على الصليب، بل فعل ذلك بيلاطس خادم شهوات اليهود، [لكن السيد المسيح سَمَح بذلك، كما لو كان قد أَوْصى بيلاطس، أو كَتبه بِيده. فقد ظفر المسيح وجَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ بِالصَّلِيبِ. وهذا هو معنى العُنوان الذي رَآه الكُل، وأدرَكه مَن يريد أن يعرف حقيقة مَن تَألَّم لأجلنا.][336]

أُعلن ملكوت المسيح جهارًا بأكثر اللغات المعروفة في ذلك الوقت، وهذا باكورة ثمار النُّبُوَّة: «فَأُعْطِيَ سُلْطَانَا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ.» (دانيال7: 14). ويُعلمنا بولس الرسول نفس الحقيقة «لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الَآبِ.» (فيلبى2: 10- 11). [فالاعتراف بيسوع المسيح هو الثمرة الحقيقية التي يُقَدمها تَنَوُّع الألْسِنة واللغات.][337]

على الصليب جلس الرب على عَرشِه، وفَوْقَ رَأْسِهِ تُاجُ الملك! «هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ». وكما تقول الكنيسة في سفر نشيد الأناشيد: «أُخْرُجْنَ يَا بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَانْظُرْنَ الْمَلِكَ.. بِالتَّاجِ الَّذِي تَوَّجَتْهُ بِهِ أُمُّهُ فِي يَوْمِ عُرْسِهِ، وَفِي يَوْمِ فَرَحِ قَلْبِهِ.» (نش3: 11). فتدعو النفوس المؤمنة أن تخرج عن ذاتها، وتَنظر مَلِكها، لتدخل معه إلى عُرسه الأبدي!.

وهذا تشير إليه الكنيسة المقدسة في صلاة الخِطْبة قائلة: [ أيها السيد الحقيقي، كلمة الله الأزلي الوحيد، يا من خطب النوع الإنساني للفرح الأبدي بتجسُّده المجيد، عاقدًا إملاك الأنفُس المؤمنة بسِر صَليبِه الميمون.][338] ففي تجسُّد المسيح أخذ الرب جسد الإنسانية، فخطب النوع الإنساني كلَّه. أما في الصليب وامتداده سر الافْخارِسْتِيَا، اتحد العريس بالأنفُس المؤمنة فقط، فصارت عروسًا للمسيح.

في بعض الأيقونات القبطية العتيقة، وُجِد تحت المسيح المصلوب حرف { القبطي. وتحيَّر علماءُ الأيقونات سنينًا فيما يعنى هذا الحرف، إلى أن [فكَّ لُغْزَه العالِم المرحوم يسى عبد المسيح. بأنه الحرف الأول من كلمة الغالب Pi`[ro إذ لُقب المسيح في سفر الرؤيا «خَرَجَ غَالِبًا ef[ryout وَلِكَيْ يَغْلِبَ.» (رؤ6: 2).][339]

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[331]د. موريس تاوضروس، الوحي والتقليد، مكتبة الشباب بطريركية الأقباط الأرثوذكس، ص38،37.

[332]د. القس بيشوي حلمي إبراهيم، كنيستي الأرثوذكسية ما أجملك!، طبعة رابعة عشرة 2013م، ص315.

[333]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص75.

[334]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص12.

[335]الأب متى المسكين، المسيح: حياته، أعماله، دير القديس أنبا مقار، طبعة ثانية 2008م، ص17.

[336]القديس كيرلس الإسكندري، شرح إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص74

[337]القديس كيرلس الإسكندري، شرح إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص75.

[338]كتاب صلوات الخدمات، الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مكتبة المحبة، طبعة1971م، ص83.

[339]الأب متى المسكين، تفسير إنجيل يوحنا: ج2، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1990م، هامش ص778.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/inri.html

تقصير الرابط:
tak.la/adxyb2v