St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

28- ما هيَ نوع اللغة اليونانية التي كُتبت بها أسفار العهد الجديد؟ وهل كتبة العهد الجديد أجادوا اللغة اليونانية؟ وهل تكلم السيد المسيح الآرامية والعبرية واليونانية؟ وهل حوت اللغة اليونانية العامية مفردات لاتينية وعبرية وآرامية وسريانية وفارسية، وقد كثرت بها الأغلاط؟

 

س28: ما هيَ نوع اللغة اليونانية التي كُتبت بها أسفار العهد الجديد؟ وهل كتبة العهد الجديد أجادوا اللغة اليونانية؟ وهل تكلم السيد المسيح الآرامية والعبرية واليونانية؟ وهل حوت اللغة اليونانية العامية مفردات لاتينية وعبرية وآرامية وسريانية وفارسية، وقد كثرت بها الأغلاط؟

 قال "ع. م. جمال الدين شرقاوي" بأن السيد المسيح وتلاميذه تكلموا الآرامية، وأن كتبة العهد الجديد يجهلون اليونانية، وحتى بولس الرسول كان يتكلّم الآرامية. إذًا ما هو بين أيدينا من أسفار العهد الجديد يُعد ترجمة من الآرامية لليونانية أولًا، ثم ترجمة أخرى للغة التي نقرأ بها إذا كانت عربية أو إنجليزية أو غيرهما (راجع يسوع النصراني الجني... مسيح بولس ص 18 - 28).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: 1- اللغة اليونانية:

من اللغات الهندواوربية Jndo – European، وقد أخذت أبجديتها من الحروف الفينيقية سنة 900 ق. م (راجع الأب جورج سابا - على عتبة الكتاب المقدَّس ص 116)، ويقو "ف. ف. بروس": "اليونانية لغة جميلة غنية ومتناغمة كأداة للتواصل، هيَ أداة مناسبة للفكر القوي والعبادة الروحية. ظهرت اليونانية في الفترة الكلاسيكية، وكانت لغة واحدة من أعظم الحضارات في العالم. خلال تلك الفترة الثقافية ازدهرت اللغة والأدب، أكثر من الحرب. كان العقل اليوناني مشغولًا بمثاليات الجمال، وكانت اللغة اليونانية تعكس الفن في حواراتها الفلسفية وشِعرها. وخطبها الجميلة.

 تميزت اللغة اليونانية بالقوة والعنفوان. وكانت قادرة على التنوع وعلى استخدام مؤثرات أخاذة. كانت اليونانية لغة الحجة، مع مفردات وأسلوب يخترق ويوضح ظواهر بدلًا من مجرد سرد القصص"(99).

وقد مرَّت هذه اللغة بأربعة مراحل:

المرحلة الأولى: اللغة اليونانية القديمة (الكلاسيكية)
 المرحلة الثانية: اللغة اليونانية
الهيلينية العامة
 المرحلة الثالثة: اللغة اليونانية الفصحى
 المرحلة الرابعة: اللغة اليونانية الحديثة

 

St-Takla.org Image: A marble plate with the Lord's prayer in Greek, along with date of the inauguration of the Church at the times of Pope Cyril V, 1893 - from St. Michael Church, Deir El Malak, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة رخامية عليها الصلاة الربانية باللغة اليونانية، مع شاهد إنشاء الكنيسة في عهد البابا كيرلس الخامس سنة 1893 - من صور كنيسة الملاك ميخائيل، دير الملاك، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org Image: A marble plate with the Lord's prayer in Greek, along with date of the inauguration of the Church at the times of Pope Cyril V, 1893 - from St. Michael Church, Deir El Malak, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة رخامية عليها الصلاة الربانية باللغة اليونانية، مع شاهد إنشاء الكنيسة في عهد البابا كيرلس الخامس سنة 1893 - من صور كنيسة الملاك ميخائيل، دير الملاك، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 المرحلة الأولى: اللغة اليونانية القديمة (الكلاسيكية) Classic Greek:

ودُعيت أشهر لهجاتها بالأتيكية Attic، واُستخدمت منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وازدهرت في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، فكُتبت بها روائع الأدب اليوناني، كتب بها هوميروس، وأرسطو وأفلاطون وسقراط.

 المرحلة الثانية: اللغة اليونانية الهيلينية العامة Hellenistic Greek :

وهيَ أبسط من اللغة اليونانية الكلاسيكية، فهيَ نتاج حصيلة اللهجات المختلفة التي اُستخدمت في الولايات اليونانية، واتسعت لبعض المفردات اللاتينية والعبرية والآرامية والسريانية والفارسية، فصارت هي اللهجة الشائعة، ودُعيت بالكويني Koine أي الشائعة، كما دُعيت بلهجة أثينا، وهيَ اللغة التي انتشرت في العالم كله مع فتوحات الإسكندر الأكبر، وصارت اللغة الرسمية للمكتوبات، وأضحت لغة التفاهم العالمية للعلماء والبسطاء على حد سواء في جميع أرجاء الإمبراطورية اليونانية. ويقول "ف. ف. بروس": "شجعت فتوحات الإسكندر الأكبر في انتشار اللغة والثقافة اليونانية، واُستبدلت اللهجات الإقليمية باليونانية "الهلنستية" أو "الكوينية Koine". اليونانية لغة "كوينية" هي لهجة محفوظة ومعروفة من خلال آلاف النقوش التي تعكس جميـع جوانـب الحيـاة اليوميـة0 أضافت لهجة "كوينة" العديد من التعبيرات العامية اليونانية، مما جعلها أكثر عالمية. تبسيط قواعد اللغة ساعدها للتكييف مع الثقافة العالمية. فاللغة الجديدة التي تعكس الكلام الشعبي البسيط، أصبحت اللغة الشائعة في التجارة والدبلوماسية. وفقدت اللغة اليونانيـة الكثير مـن أناقتها ووضوحها نتيجـة لتطورهــا من الكلاسيكية إلى "الكوينية" ولكنها احتفظت بخصائص القوة والجمال والوضوح والمنطق البلاغي والقوة"(100) (راجع ف. ف. بروس - قصة الكتــاب المقدَّس ص 165 - 170).

  وبسبب انتشار اللغة اليونانية الكوينية ظلت قائمة رغـم انهيار الإمبراطورية اليونانية، وفي فلسطين قاوم المكابيون الثقافة الإغريقية بما فيها اللغة اليونانية، ولكن انتهت الدولة الحشمونية واستمرت الثقافة الهيلينية بلغتها اليونانية الشعبية، وإلى هذه اللغة تُرجمت أسفار العهد القديم من العبرية، وهيَ ما عُرفت بالترجمة السبعينية، والتي تسلمتها الكنيسة وأكملت عليها أسفار العهد الجديد بذات اللغة، حتى أن بولس الرسول كتب رسالته إلى روما وهيَ معقل اللغة اللاتينية، كتبها باللغة اليونانية. وبهذه اللغة أيضًا كتب آباء الكنيسة العظماء مثل البابا أثناسيوس الرسولي، والبابا كيرلس عمود الدين وغيرهما، وأيضًا استخدمت هذه اللغة في الليتورجيات الشرقية لسهولتها وسلاستها، حتى أن كثير من مردات القداس وكثير من الألحان القبطية قد دُوَّنت بهذه اللغة.

 وتشمل اللغة الهيلينية مستويين، المستوى الأول يحاكي اللغة اليونانية الكلاسيكية، وكتب به بعض مشاهير الكتَّاب مثل الفيلسوف اليهودي السكندري "فيلو"، والمؤرخ اليهودي "يوسيفوس"، و"فلوطرخس" و"لوقيانوس السميساطي"، أما المستوى الثاني فهو مستوى شعبي أبسط من الأول، وبه كتب كتَّاب الأسفار المقدَّسة للعهد الجديد، وهذا يعكس الحكمة الإلهيَّة في اختيار أبسط مستوى للغة لتصل الرسالة لجميع الناس، حتى أن هذه اللغة دُعيت بلغة الروح القدس.

 المرحلة الثالثة: اللغة اليونانية الفصحى:

وهيَ محاولة جرت في القرنين التاسع عشر والعشرين باليونان للعودة للغة اليونانية القديمة الأتيكية، ولكنها لم تنجح لصعوبة اللغة القديمة.

 المرحلة الرابعة: اللغة اليونانية الحديثة:

وهيَ أسهل من اللغة الفصحى، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وسادت الآن في المجتمع اليوناني، وفي سنة 1976م تم اعتماد هذه اللغة الحديثة في البرلمان اليوناني لاستخدامها في المصالح الحكومية والصحافة والجامعات... إلخ...

 

2ـــ تكلّم السيد المسيح اللغة الآرامية التي كانت سائدة في فلسطين حينذاك، كما أنه عندما دُفع إليه سفر إشعياء في مجمع الناصرة قرأ فيـه باللغـة العبرية: "رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَة" (لو 4 : 18، 19)، وأيضًا تكلم السيد المسيح اللغة اليونانية التي عرفها أهل الجليل وتكلموا بها، والتقى بالوفد القادم من اليونان وتحدث معهم: "وَكَانَ أُنَاسٌ يُونَانِيُّونَ مِنَ الَّذِينَ صَعِدُوا لِيَسْجُدُوا فِي الْعِيدِ. فَتَقَدَّمَ هؤُلاَءِ إِلَى فِيلُبُّسَ الَّذِي مِنْ بَيْتِ صَيْدَا الْجَلِيلِ وَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ يَا سَيِّدُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوعَ.." (يو 12 : 20 - 23)، وأيضًا تكلّم السيد المسيح مع بيلاطس البنطي باليونانية. 

 ويقول "عباس محمود العقاد" عن السيد المسيح: "ويرجح بعض المؤرخين أنه كان يعرف اليونانية، وأن الحديث الذي دار بينه وبين بيلاطس كان بهذه اللغة، لأن اليونانية كانت شائعة في عصره بين أبناء الجليل... فلا غرابة في معرفة السيد المسيح باليونانية كما كان يعرفها الكثيرون من أبناء الجليل، ولكن المحقَّق أنه كان يعرف العبرية الفصحى التي تُدرَّس بها كتب موسى والأنبياء، وأنه كان يعرف الآرامية التـي كان يتكلّمها كلام البلغاء فيهم"(101).

 

3 - كما رأينا أن اللغة اليونانية البسيطة التي هيَ نتاج اللهجات المختلفة للولايات اليونانية قد اتسعت لمفردات من لغات أخرى وقال البعض أن بها أخطاء كثيرة، بينما الاكتشافات الحديثة لبعض المخطوطات التي كتبت بهذه اللغة تعكس مدى دقتها وبُعدها عن الأخطاء، ويقول "القمص مرقس داود" : "كان الاعتقاد السائد قديمًا أن لغة العهد الجديد اليونانية كلها أغلاط ولم تراعَ فيها قواعد اللغة وأن أسلوبها الركيك ناشئ من الترجمة الحرفية في اللغة العبرانية. أمّا الآن فقد تغيَّر هذا الاعتقاد إن لم يكن قد زال تمامًا بعد اكتشاف أوراق البردي اليونانية في مصر. لأن اكتشاف الرسائل والوثائق التي كان يتبادلها القوم في معاملاتهم والرسائل الشخصية، بل ورسائل الحب والالتماسات والحسابات المملوءة بالأغلاط الهجائية التي كان يدوَّنها الفلاحون المتكلمون باليونانية في الوجه القبلي. كل هذا دلَّ على أن ذلك الأسلوب لم يكن لأشخاص تربوا تحت النفوذ العبراني.

 لقـد أعطتنا أوراق البردي فكرة عما كانت عليه لغة العامة العادية في ذلك الوقــت، ومع أنها كانت تختلف عن اللغة الفصحى (اليونانية) إلاَّ أنها كانت واسعة الاستعمال في الناحية العلمية والأدبية" (The Deciding Voice of the Monuments P. 128).

 ونحن نؤمن أن كتابة العهد الجديد باللغة اليونانية دلالة على أن روح الله سلم حقه إلى الأمم (الوثنيين) بعد أن رفض اليهود - كأمة - مسيحهم (Bilbical Guide). لقد كانت هذه اللغة بقوتها على نقل الأفكار المتنوعة وبدقتها وبمرونتها وغزارتها أحسن وسيلة لتبليغ الوحي الإلهي إلينا في العهد الجديد"(102) (راجع أيضًا دائرة المعارف الكتابية جـ 6 ص 316). ويجب ملاحظة أن الأغلاط الهجائية التي كان يقع فيها الفلاحون لا تعني على الإطلاق أي عيب في اللغة التي تميزت بالدقة والمرونة وغزارة مفرداتها.

 وعندما درس "أدولف ديسمان" Adolf Deisomann سنة 1895م بعض البرديات التي تم اكتشافها في مصر وفلسطين، ويرجع تاريخها للقرن الأول الميلادي اكتشف أنها كُتبت بنفس اللغة التي دُوِّنت بها أسفار العهد الجديد وبنفس المفردات، وهذه البرديات تدخل في نطاق المعاملات اليومية مثل عقود البيع والشراء والخطابات الشخصية، وهذا يؤكد لنا أن الروح القدس قد اختار هذه اللغة الواسعة الانتشار حينذاك لتصل كلمة الله لكل البشرية.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (99) قصة الكتاب المقدَّس ص 165.

(100) المرجع السابق 166.

(101) حياة المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث ص 169، 170.

(102) شهادة علم الآثار للكتاب المقدَّس ص 42، 43.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/28.html

تقصير الرابط:
tak.la/3bvvy5k