St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

541- ما هو المنهج الذي اتبعه القديس لوقا في كتابة إنجيله؟ وهل انفرد القديس لوقا في إنجيله ببعض الأحداث والمعجزات والأمثال الخاصة بالسيد المسيح؟

 

س541: ما هو المنهج الذي اتبعه القديس لوقا في كتابة إنجيله؟ وهل انفرد القديس لوقا في إنجيله ببعض الأحداث والمعجزات والأمثال الخاصة بالسيد المسيح؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: أولًا: المنهج الذي اتبعه القديس لوقا في كتابة إنجيله: كثيرون كتبوا قصة السيد المسيح ونشأة المسيحية، البعض ربطها بالتيار الديني اليهودي، وكأن المسيحية طائفة من الطوائف اليهودية، فالمسيحيون مثلهم مثل الفريسيين والكتبة والصدوقيين، وزكّى هذا الاتجاه ارتباط الرسل بالهيكل في صلواتهم وعبادتهم (أع 2: 46، 3: 1-10، 5: 21)، بينما فصل البعض بين قصة المسيحية والعهد القديم، وربطها بالتيار الهليني، وبلا شك أن هذا الأمر كان له خطورته، فيقول "القس فهيم عزيز": "فقد رأى بعض الأمم أنه لا ضرورة بالمرة للارتباط بين الإنجيل وبين بيئته اليهودية التي نشأ فيها. وليس هناك أي صلة بين العهد القديم وبين حياة وعمل يسوع المسيح... ولهذا فلا بد من ربط الإنجيل بنوع من الفلسفة النظرية، وخلع الإنجيل من البيئة اليهودية ووضعه في البيئة الهلينية. وخطورة هذا التطوُّر هيَ أنه يؤدي إلى إنكار فائدة، بل وحدوث، تجسد اللَّه في الحياة البشرية، ويؤدي أيضًا إلى التفرقة بين إله العهد القديم وبين الابن الإلهي يسوع... هذه التطورات كما سبق القول ظهرت بقوة في وقت لاحق للإنجيل، ولكن جذورها بدأت في وقت مبكر عندما بدأ الإنجيل يغزو البيئة الهليينية ويبدأ الصراع بينهما" (47).

أما الروح القدس فقد اختار القديس لوقا ليكتب القصة كاملة شاملة منذ البشارة بيوحنا ويسوع، مرورًا بحياة السيد المسيح وتعليمه وأحاديثه ومعجزاته وكرازته وموته وقيامته وصعوده، وتأسيس الكنيسة ونشر الكرازة في بقاع الأرض، وذلك من خلال إنجيله وسفر الأعمال. وكان للقديس لوقا ملكاته الخاصة، فهو الطبيب الحبيب، المؤرخ المدقّق، الأديب الماهر، الفنان المُبدع، اللاهوتي البارع (راجع س 536). وبالطبع فإن الروح القدس وظَّف هذه الطاقات والملكات فأثمر منهجًا مميزًا:

 

1- اتبع القديس لوقا المنهج التاريخي: فذكر الشخصيات الهامة سواء السياسية أو الدينية المعاصرة ليوثق القصة ويُعطيها مصداقية، ويربطها بالزمن المعاصر (راجع لو 1: 5، 2: 1، 2، 3: 1، 2). كما اهتم القديس لوقا بربط الأحداث بالأماكن التي جرت فيها، فظهرت براعته كمؤرخ مدقق، استطاع أن يقنع صديقه العزيز ثاوُفيلُس بصحة الكلام الذي تعلَّمه، ومما ساعد القديس لوقا في منحاه التاريخي ثقافته وسعة إطلاعه وتقصيه الحقائق وعلاقته الوثيقة ببولس الرسول والآباء الرسل، كما كان تحت يديه ما كتبه الآخرون. ويقول "القس فهيم عزيز": "بل لعل الامتياز الكبير الذي كان للبشير هو الأسفار العديدة ومقابلة الكنائس والشخصيات، وبذلك أمكنه أن يجمع مادة ثمينة لكتابيه هذين. وإلى جانب ذلك كان هو يتمتع بإحساس قوي بالتاريخ، ويعرف كيف يكتبه ويرتب مادته في حسن رسَّام وملكات نقدية دقيقة، وهذا كان عاملًا على نجاحه التام الذي يظهر في الإنجيل والأعمال" (48).

 

2- اتبع القديس لوقا المنهج اللاهوتي: فبينما المؤرخ المدني يذكر الأحداث التاريخية ويربطها ببعضها، فإن القديس لوقا قد أضفى النظرة اللاهوتية على كتاباته، فاللَّه هو العامل في التاريخ والحاضر فيه، والسيد المسيح هو مركز التاريخ.

 

3- اتبع القديس لوقا المنهج الأدبي الراقي: فلم يستخدم اللغة الشعبية إنما استخدم اللغة اليونانية الكلاسيكية الراقية، لغة الأدب الراقي، فاستخدم هذا الأسلوب المميَّز بما فيه من صيغ بلاغية ومُحسّنات بديعية، متوافقًا مع أسلوب عصره، فسارت قصصه في سهولة ويسر وسلاسة وجمال وعذوبة، ولا سيما أنه يكتب لشخص رفيع المستوى مثقف ثقافة عالية.

 

4- اتبع القديس لوقا الربط بين العهدين: وذلك من خلال السيد المسيح الكائن في العهد القديم والعهد الجديد، فأوضح أن يوحنا المعمدان هو الملاك الذي يهيئ الطريق أمام سيده (لو 1: 76، ملا 3: 1، 4: 5)، وعندما أرسل المعمدان تلميذيه ليسأل السيد المسيح: "أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَر" (لو 7: 20) أشار السيد المسيح إلى ما جاء في سفر إشعياء (إش 35: 5، 6)، وعندما تحدث عن كرازة السيد المسيح في مجمع الناصرة قرأ ما جاء في (إش 61: 1، 2) ثم قال: "الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ" (لو 4: 21) وهكذا تسير الأمور حتى حديث السيد المسيح في تلميذي عمواس ثم مع تلاميذه، فربط هذه الأحداث بما جاء من نبوءات في موسى والأنبياء (لو 24: 25-27، 44-47)، وسار على ذات الدرب في سفر الأعمال، فربط بين حلول الروح القدس يوم الخمسين وبين ما جاء في سفر يوئيل (أع 2: 16-21)، وبين عظة بطرس الرسول وسفر المزامير (أع 2: 25-28)، وأورد خطاب اسطفانوس تلخيصًا للعمل الفدائي في العهد القديم (أع 7: 2-53).

 

5- كان للقديس لوقا الحس الرعوي الفائق: فهو يقدّر قيمة النفس البشرية، وهذا يتجلى في الأصحاح الخامس عشر من إنجيله، وأيضًا في قصة المرأة الخاطئة، وقصة زكا العشار، واللص التائب.

6- ركز القديس لوقا على السلوكيات المسيحية: فذكر أمثال تركز على السلوك المسيحي مثل السامري الصالح (لو 10: 30-37)، والغني الغبي (لو 12: 16-20)، والغني والعازر (لو 16: 19-31) كما ألقى الضوء على الكنيسة الأولى في سفر الأعمال، حيث كان كل شيء مشتركًا بينهم (أع 2: 44، 45، 4: 32) وكانت الأموال تحت أقدام الرسل (أع 4: 34، 35).

St-Takla.org Image: Icon of Saint Luke the Evangelist and painter, private collection, France, 2011, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer). صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس لوقا الإنجيلي والرسام، مقتنيات خاصة، فرنسا، 2013 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: Icon of Saint Luke the Evangelist and painter, private collection, France, 2011, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer).

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس لوقا الإنجيلي والرسام، مقتنيات خاصة، فرنسا، 2013 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

ثانيًا: الأحداث والمعجزات والأمثال التي انفرد بها إنجيل لوقا:

الأحداث التي انفرد بها القديس لوقا: انفرد إنجيل لوقا بالعديد من الأحداث، ويكفي أن الأصحاحين الأولين اللذين دُعيا "إنجيل الطفولة" لا مثيل لهما في العهد الجديد، ومن الأحداث الفريدة التي سجلها معلمنا لوقا الإنجيلي، نذكر الآتي:

(1) البشارة بميلاد يوحنا المعمدان (لو 1: 11-22).

(2) البشارة بميلاد السيد المسيح (لو 1: 26-38).

(3) زيارة العذراء مريم لأليصابات، وتسبحة كل منهما (لو 1: 39-56).

(4) ولادة يوحنا المعمدان، والفرحة التي عمت بولادته، وتسبحة زكريا الكاهن (لو 1: 57-79).

(5) ولادة يسوع المسيح في المزود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل (لو 2: 1-7).

(6) ظهور ملاك الرب للرعاة، وبشرى الخلاص، وتسبحة الملائكة (لو 2: 8-14).

(7) زيارة الرعاة لطفل المزود (لو 2: 15-20).

(8) ختان الطفل يسوع في اليوم الثامن من ولادته (لو 2: 21).

(9) ذهاب العذراء وأسرتها للهيكل بعد أربعين يومًا من ولادتها لتصنع تطهيرًا كما أوصى الناموس (لو 2: 22-24).

(10) سمعان الشيخ يحمل الطفل يسوع ويسبح الله (لو 2: 25-35).

(11) ابتهاج حنة بنت فنوئيل بولادة المُخلص (لو 2: 36-38).

(12) بقاء يسوع في الهيكل ثلاثة أيام وحديثه مع والديه (لو 2: 42-51).

(13) إجابة يوحنا المعمدان على تساؤلات البعض (لو 3: 10-14).

(14) كرازة السيد المسيح في مجمع الناصرة ورفضه ومحاولة قتله (لو 4: 16-30).

(15) توبة المرأة الخاطئة وسكبها الطيب على قدمي يسوع (لو 7: 36-50).

(16) الحديث عن الصليب على جبل التجلي (لو 9: 30، 31).

(17) إرسالية السبعين رسولًا للأمم وعودتهم فرحين (لو 10: 1 - 20).

(18) جلوس مريم أخت مرثا عند قدمي يسوع (لو 10: 39).

(19) خبر ذبح بيلاطس للجليليين (لو 13: 1-3).

(20) قصة توبة زكا العشار (لو 19: 1 - 10).

(21) بكاء السيد المسيح على أورشليم (لو 19: 41-44).

(22) طلب الشيطان أن يغربل التلاميذ، وصلاة يسوع من أجل بطرس (لو 22: 31، 32).

(23) قطرات العرق من جبين المسيح كقطرات دم (لو 22: 44).

(24) محاكمة السيد المسيح أمام هيرودس الملك (لو 23: 6 - 12).

(25) حديث السيد المسيح وهو حامل صليبه مع بنات أورشليم (لو 23: 27 - 31).

(26) صلاة السيد المسيح من أجل صالبيه (لو 23: 34).

(27) إيمان اللص المصلوب، ووعد المسيح له (لو 23: 39 - 43).

(28) ظهور السيد المسيح لتلميذي عمواس (لو 24: 13 - 35).

(29) صعود السيد المسيح للسماء (لو 24: 50، 51).

المعجزات التي انفرد بها إنجيل لوقا: انفرد إنجيل لوقا بست معجزات، لم يذكرها أحد من الإنجيليين غيره، وهيَ:

(1) معجزة صيد السمك الكثير من بحيرة جنيسارت (لو 5: 4-11).

(2) إقامة ابن أرملة نايين (لو 7: 11 - 17).

(3) شفاء المرأة المنحنية (لو 13: 11 - 17).

(4) شفاء المصاب بالاستسقاء (لو 14: 1 - 6).

(5) تطهير البرَّص العشرة وعودة السامري الأبرص ليشكر (لو 17: 11 - 19).

(6) شفاء أذن ملخس (لو 22: 50، 51).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

الأمثال التي انفرد بها إنجيل لوقا: إن كان القديس متى ركز على تعاليم السيد المسيح، ومارمرقس على معجزات وأعمال السيد المسيح، وركز يوحنا الحبيب في إنجيله على طبيعة السيد المسيح، فإن القديس لوقا ركز على أمثال السيد المسيح، وبينما نجد القديس متى يركز على أمثال الملكوت، فإننا نجد القديس لوقا يركز على الأمثال التي تخص الأشخاص، ومن الأمثال التي انفرد بها إنجيل لوقا، ما يلي:

(1) مَثَل المديونان (لو 7: 41 - 43).

(2) مَثَل السامري الصالح (لو 10: 30 - 37).

(3) مَثَل الصديق وزائر الليل (لو 11: 5 - 8).

(4) مَثَل الغني الغبي (لو 12: 16 - 20).

(5) مَثَل الوكيل الأمين (لو 12: 36 - 48).

(6) مَثَل شجرة التين غير المثمرة (لو 13: 6 - 9).

(7) مَثَل العشاء العظيم (لو 14: 16 - 24).

(8) مَثَل من يبني برجًا ولا يكمله والملك الذي لم يحسب النفقة (لو 14: 28 - 32).

(9) مَثَل الدرهم المفقود (لو 15: 8 - 10).

(10) مَثَل الابن الضال (لو 15: 11 - 32).

(11) مَثَل وكيل الظلمة (لو 16: 1 - 13).

(12) مَثَل الغني ولعازر (لو 16: 19 - 31).

(13) مَثَل الأرملة وقاضي الظلمة (لو 18: 1 - 8).

(14) مَثَل الفريسي والعشار (لو 18: 10 - 14).

(15) مَثَل العشرة الأمناء (لو 19: 11 - 27).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(47) المدخل إلى العهد الجديد، ص289.

(48) المرجع السابق، ص291.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/541.html

تقصير الرابط:
tak.la/b88w332