St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

558- كيف يطلب سمعان الشيخ أن ينطلق من هذا العالم (لو 2: 29) وهو يعلم أنه سيذهب إلى سجن الجحيم؟ وكيف يكون السيد المسيح المُخلص سبب سقوط كثيرين (لو 2: 34)؟ وكيف تحققت نبوءة سمعان بأن هناك سيفًا سيجوز في نفس العذراء (لو 2: 35)؟ وهل لأن السيف جاز في نفس العذراء لذلك تعتبر شريكة في الفداء؟ وماذا قصد سمعان بقوله: "لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ" (لو 2: 35)؟ وهل حنة بنت فنوئيل كانت تأكل وتشرب وتنام في الهيكل "لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ" (لو 2: 37)؟

 

س558: كيف يطلب سمعان الشيخ أن ينطلق من هذا العالم (لو 2: 29) وهو يعلم أنه سيذهب إلى سجن الجحيم؟ وكيف يكون السيد المسيح المُخلص سبب سقوط كثيرين (لو 2: 34)؟ وكيف تحققت نبوءة سمعان بأن هناك سيفًا سيجوز في نفس العذراء (لو 2: 35)؟ وهل لأن السيف جاز في نفس العذراء لذلك تعتبر شريكة في الفداء؟ وماذا قصد سمعان بقوله: "لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ" (لو 2: 35)؟ وهل حنة بنت فنوئيل كانت تأكل وتشرب وتنام في الهيكل "لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ" (لو 2: 37)؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- كيف يطلب سمعان الشيخ أن ينطلق من هذا العالم (لو 2: 29) وهو يعلم أنه سيذهب إلى سجن الجحيم..؟ أخذ سمعان وعدًا إلهيًّا أنه لا يرى الموت قبل أن يعاين المسيح الرب، وانتظر طويلًا طويلًا، ثم تحقَّق الوعد، وعاين الطفل يسوع المسيح الرب المُخلص، فلم يخشَ الموت ولا الجحيم، بل طلب الانطلاق من سجن الجسد، فالذي يحب يسوع ويحمله ويضمه إلى صدره فإنه يضم الحياة فكيف يخشى الموت؟!.! أنه لا يخشى لا الموت ولا الجحيم لأن يسوع قادر أن يُخلص من هذا ومن ذاك. العين التي رأت المسيح وشبعت لا تحتاج بعد إلى العالم "لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ" (لو 2: 30).. بارك سمعان اللَّه معترفًا بخلاصه العظيم: "خَلاَصَكَ الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ" (لو 2: 30) ولهذا لم يخشى لا الموت ولا الجحيم.

ويقول "القس سمعان كلهون": "وقد أيدت المعجزات التي صُنعت حينئذ الشهادة وساعدت على تقوية وتثبيت إيماننا، لأننا نرى العذراء تلد، والعاقر تصير أمًا، والصامت يتكلم، وأليصابات تتنبأ، والمجوس حكماء المشرق يسجدون، والجنين يرتكض في الرحم، وسمعان الشيخ يتنبأ، والمتزوجة (أليصابات) تتنبأ، والعذراء تتنبأ، وهذه الأرملة (حنة بنت فنوئيل) تتنبأ. وهذا يرينا أن البشر من كل درجة وحال، رجالًا ونساءً، يهودًا وأممًا، قد اشتركوا جميعًا في الخلاص العظيم الذي كان عتيدًا أن يصنعه الطفل الذي كان في المزود" (107).

 

St-Takla.org Image: The presentation of Jesus in the Temple (Luke 2: 22-39.) - "For mine eyes have seen thy salvation which thou hast prepared before the face of all people." (Luke 2: 30-31) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations. صورة في موقع الأنبا تكلا: تقدمة يسوع فى الهيكل (لوقا 2: 22-39): "لأن عيني قد أبصرتا خلاصك. الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب." (لوقا 2: 30-31) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

St-Takla.org Image: The presentation of Jesus in the Temple (Luke 2: 22-39.) - "For mine eyes have seen thy salvation which thou hast prepared before the face of all people." (Luke 2: 30-31) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations.

صورة في موقع الأنبا تكلا: تقدمة يسوع فى الهيكل (لوقا 2: 22-39): "لأن عيني قد أبصرتا خلاصك. الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب." (لوقا 2: 30-31) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

2- كيف يكون السيد المسيح المُخلص سبب سقوط لكثيرين (لو 2: 34)..؟ قال سمعان الشيخ للعذراء مريم: "هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ" (لو 2: 34).. وهذا ما حدث بالفعل فجميع اليهود الذين آمنوا به واعتمدوا بِاسمه فأنهم ماتوا وقاموا معه إلى جدة الحياة، وجميع اليهود الذين رفضوه وقاوموا صليبه وما أكثرهم سقطوا من الحياة الأبدية، وانطبق عليهم قول السيد المسيح: "كُلُّ مَنْ يَسْقُطُ عَلَى ذلِكَ الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ" (لو 20: 18)، فالسيد المسيح بالنسبة لهم حجر صدمة مثل نبوءة إشعياء النبي: "وَيَكُونُ مَقْدِسًا وَحَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ لِبَيْتَيْ إِسْرَائِيلَ" (إش 8: 14). فقد وهب اللَّه الإنسان حرية الإرادة، فالإنسان يقبل أو يرفض اللَّه بملء إرادته وكامل حريته. أما من جهة إرادة المُخلص فإنه لا يشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع ويحيا، وهو: "الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ" (1 تي 2: 4).

ويقول "وليم باركلي":

" 1- إن يسوع سيكون سبب سقوط كثيرين. وهذا القول وإن كان من الصعوبة بمكان، لكنه حوى كل الحق، فلا يدين اللَّه الإنسان بل يدين الإنسان نفسه، ودينونته هيَ رد فعل لموقفه بالنسبة للمسيح، فلو بادل الإنسان المسيح الحب، دخل إلى ملكوت اللَّه، أما إذا قابل محبة المسيح بجمود وجفاء فسيدان. هكذا كم من كثيرين يقبلون المسيح، وكم من كثيرين أيضًا يوصدون الأبواب في وجهه، فيغلق الباب بدوره في وجوههم.

2- إن يسوع سيكون سبب قيام كثيرين. قال سينيكا الفليسوف Senca: "توجد يد تتنازل لترفع الناس من الحياة العتيقة إلى الحياة الجديدة"، أن هذه اليد هيَ يد يسوع وحده القادرة أن ترفع من وهدة الخطية إلى مدارج البر، ومن مزالق العار إلى سلم القداسة.

3- إن يسوع سيُقاوم من كثيرين، هكذا لا يوجد من يقف على الحياد. أما أن تخضع له أو أن تحاربه. وهنا نرى مأساة الحياة ألا وهيَ الكبرياء التي تبعدنا دائمًا عن حالة الخضوع والتسليم الذي فيه الانتصار والفخار" (108).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

 

3- هل تحققت نبوءة سمعان بأن هناك سيفًا سيجوز في نفس العذراء (لو 2: 35)؟ وهل لأن السيف جاز في نفس العذراء لذلك تعتبر شريكة في الفداء..؟ نعم تحققت نبوءة سمعان، فكم قاست العذراء مريم من آلام، فتحملت الرحلة الشاقة من الناصرة إلى بيت لحم وهيَ على وشك الولادة قبل أن تلتقي بسمعان الشيخ، ثم عانت من الهروب من وجه هيرودس إلى أرض مصر، وكل مكان تدخله تنهار الأوثان فيتعرضون للاضطهاد والطرد، فجالت في أرض مصر على مدار نحو ثلاثة سنين وستة أشهر، وعندما مات يوسف البار السند والمعين تحملت آلام الترمل، وعندما بدأ ابنها الخدمة تعرَّض منذ البداية للرفض الشديد من أهل بلدته الناصرة، بل أنهم حاولوا أن يطرحوه من الجبل، فترك بلدته وسكن في كفرناحوم، وعاش مثل واعظ متجول، يجول يصنع خيرًا يعلم وينير الأذهان ويريح المتعبين ويشفي المرضى بلا استثناء، ولم يكن له أين يسند رأسه، أما بني شعبه فقد رفضوه، متهمين إياه بأنه إنسان أكول وشريب خمر، وأنه سامري، وبه شيطان، وببعلزبول يُخرِج الشياطين، وأنه مُجدف إذ كيف يغفر الخطايا التي لا يغفرها إلاَّ اللَّه وحده، وكانت العذراء مريم تعرف كل هذه المتاعب والمضايقات ومؤامرات القيادات الدينية للانتقام منه بعد أن اصطدم معهم، حتى انتهى به المطاف إلى أن تقف تحت صليبه وهو يتألم ويموت ويُدفن (يو 19: 25-27) وأحشائها تلتهب ويجوز في نفسها السيف إلى غمده، ومما ضاعف من آلام هذا السيف أنها ربما لم تكن تعرف أن ابنها سيقوم من الموت في اليوم الثالث، فيقول "القديس كيرلس الكبير": "يُراد بالسيف الألم الشديد الذي لحق بمريم وهو ترى مولودها مصلوبًا، ولا تعلم بالكلية أن ابنها أقوى من الموت، وأنه لا بد من قيامته من القبر، ولا عجب إن جهلت العذراء هذه الحقيقة فقد جهلها أيضًا التلاميذ المقدَّسون، فلو لم يضع توما يده في جنب المسيح بعد قيامته ويجس آثار المسامير في جسم يسوع لما صدق أن سيده قام بعد الموت" (109).

ومع أن العذراء مريم قد تألمت بالحقيقة ولا سيما من صلب ابنها إلاَّ أنها لم تكن أبدًا شريكة في فداء الإنسان، فمن شروط الفادي أن يكون غير محدود وأقوى من الموت، والعذراء لم تكن هكذا، والإنسان المحكوم عليه بالموت يستحيل أن يفتدي إنسان آخر محكوم عليه بالموت، فالسيد المسيح هو الوحيد الفادي الذي قدم ذاته بإرادته وحده عنا كلنا. هو الوحيد الذي دفع الثمن بالكامل بسفك دمه الإلهي عنا: "قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ" (إش 63: 3). هو وحده الذي مات وقام: "وَأَقَامَنَا مَعَهُ وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (أف 2: 6) (راجع كتابنا: يا إخوتنا الكاثوليك متى يكون اللقاء جـ 2 – الفصل الخامس: الرد على بدعة إشتراك العذراء مريم في الفداء).

 

4- ماذا قصد سمعان الشيخ بقوله: "لِتُعْلَنَ أَفْكارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ" (لو 2: 35)..؟ ستتضح أفكار المعاندين وأيضًا أفكار المُخلصين، أفكار المعاندين مثل الكتبة والفريسيين والصدوقيين المرائين، الذين يظهرون بصورة غير صورتهم الحقيقية، فقد كشف السيد المسيح عن ريائهم وفضح أفكارهم وأعمالهم، كما كشف الرب يسوع عن أفكار سمعان الفريسي الذي أدانه لأنه قَبِل المرأة الخاطئة، وكثيرًا ما كان الرب يسوع يكشف عن الأفكار والنوايا السيئة. وأيضًا انكشفت أفكار المُخلصين مثل نيقوديموس ويوسف الرامي، ويوحنا الحبيب، والمجدلية، والتلاميذ الذين أحبوه واللص اليمين الذي اعترف بألوهيته.

 

5- وهل حنة بنت فنوئيل كانت تأكل وتشرب وتنام في الهيكل " لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ" (لو 2: 37)..؟ حنة بنت فنوئيل ترملت بعد سبع سنوات من زواجها، وظلت أرملة 84 عامًا، فلو افترضنا أنها تزوجت في السادسة عشر من عمرها، فيكون عمرها عندما استقبلت المسيح نحو 107 عامًا، كم قاست خلال سنين عمرها من آلام الحياة مع شعبها، فقد عاصرت حكم المكابيين، وسقوط فلسطين تحت سطوة الحكم الروماني، كما عاصرت حكم الملك هيرودس الكبير، وعَبَرَتْ حنة بكل المحن التي عَبَرَ بها شعبها، وكانت أمينة في حياتها تعيش في تقوى ووقار ونشاط غير عادي بالنسبة لسنها الذي تخطى المائة عام، حقًا الحياة مع اللَّه لا تعرف الشيخوخة، وليس معنى قول القديس لوقا: "لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ" أي أنها كانت تأكل وتشرب وتنام في الهيكل، إنما كانت تعيش في بيتها أو في مكان مُلحق بالهيكل، وتشارك في العبادات الصباحية والمسائية، وجميع المناسبات الدينية بالرغم من أنها: "مُتَقدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ" (لو 2: 36) لكن نشاطها الروحي لم يفارقها، فما تزال عابدة بأصوام وطلبات ليلًا ونهارًا. وقد كافأها اللَّه بأن كان لها الحظ السعيد أن تلتقي بالطفل يسوع: "فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ" (لو 2: 38). ومعنى اسم هذه النبية يبعث الرجاء في وسط الضيقات، فاسمها "حنة" أي "حنان ونعمة اللَّه"، وهيَ بنت فنوئيل، ومعنى "فنوئيل" أي "وجه اللَّه"، وهيَ من سبط "أشير" أي "غني" أو "سعيد" أو "مبارك".. فقد كرَّست هذه المرأة النبية حياتها للَّه الذي تحنن عليها وملأ كيانها بالنعمة، حتى أنها استطاعت أن تعاين وجه اللَّه في صورة الطفل يسوع، فصارت هذه الأرملة العجوز غنية سعيدة ومباركة. والحقيقة أننا مدينون للقديس لوقا الذي ذكر تلك الباقة العطرة من الرجال سمعان الشيخ، ومن النساء حنة النبية، وكليهما كان ينتظر بشغف زائد خلاص إسرائيل.

وهذا يعكس نظرة الكتاب المقدَّس الذي ساوى بين الرجل والمرأة، ونظرة القديس لوقا وتقديره للمرأة وخدمتها ومحبتها، فذكر أليصابات البارة، ومريم العذراء طُهْر الأطهار، وحنة بنت فنوئيل، وأرملة نايين، والمرأة الخاطئة التي سكبت مزيج الطيب والدموع على قدمي الرب يسوع، ومريم المجدلية التي طرد منها سبعة شياطين وصيَّرها مسكنًا مقدسًا، ونازفة الدم وإيمانها العجيب، وابنة يايرس التي أقامها من بعد موتها، ومرثا ومريم وبيتهما الذي كان يجد فيه يسوع راحته، والمرأة التي طوبت العذراء مريم، وملكة التيمن، والمرأة التي ربطها الشيطان حتى تحدَّب ظهرها، والمرأة التي ألقت بالفلسين، وفي سفر الأعمال ذكر ليديا بائعة الأرجوان وبنات فيلبس المبشر اللاتي كن يتنبأن... إلخ (راجع س 542).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(107) اتفاق البشيرين، ص71.

(108) ترجمة القس مكرم نجيب - تفسير العهد الجديد - إنجيل لوقا، ص41.

(109) أورده القمص تادرس يعقوب - الإنجيل بحسب لوقا، ص70.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/558.html

تقصير الرابط:
tak.la/73ga4gw