St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

62- لماذا حذفت الكنيسة أسفارًا سبق الاعتراف بقانونيتها وهيَ كتاب الراعي لهرماس، والديداكي (أي تعليم الرسل) ورسالة أكليمنضس الروماني، ورسالة برنابا، ورؤيا بطرس؟

 

س62 : لماذا حذفت الكنيسة أسفارًا سبق الاعتراف بقانونيتها وهيَ كتاب الراعي لهرماس، والديداكي (أي تعليم الرسل) ورسالة أكليمنضس الروماني، ورسالة برنابا، ورؤيا بطرس؟

 جاء في الطبعة اليسوعية للعهد الجديد تحت عنوان "مدخل العهد الجديد": " وهناك أيضًا مؤلفات جرت العادة على أن يُستشهَد بها في ذلك الوقت على أنها من الكتاب المقدَّس، ومن ثمَّ فهيَ جزء من القانون (الأسفار القانونية)، لم تبقَ زمنًا على تلك الحال، بل أُخرِجت آخر الأمر من القانون، وذلك ما جرى لمؤلَّف هرماس وعنوانه "الراعي" والديداكي، ورسالة أكليمنضس الأولى، ورسالــة برنابـا، ورؤيــا بطرس" (400). (راجع أيضًا د. إبراهيم سالم الطرزي - أبو كريفا العهد الجديد - الكتاب الأول ص9).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج : بعد أن اعتبر البعض كتب الراعي لهرماس، والديداكي، ورسالة أكليمنضس، ورسالة برنابا، ورؤيا بطرس، على أنها أسفار قانونية، أصرَّت الكنيسة على شرط أساسي للموافقة على قانونية السفر، وهو أن يكون الكاتب أحد رسل المسيح، وليس أي شخص آخر، حتى لو كان من الآباء الرسوليين، وهذا ما دفع الكنيسة لإخراج بعض الأسفار التي اعتبرها البعض في وقت ما أنها أسفار قانونية، وهذا عين ما جاء في الترجمة اليسوعية أيضًا في نفس الموضع: "ويبدو أن مقياس نسبة المؤلَّف إلى الرسل استعمل استعمالًا كبيرًا، ففُقد رويدًا رويدًا كل مؤلَّف لم تثبت نسبته إلى رسول من الرسل ما كان له من الحظوة. فالأسفار التي ظلت مشكوكًا في صحتها، حتى القرن الثالث، هيَ تلك الأسفار نفسها التي قام نزاع على صحة نسبتها إلى الرسل في هذا الجانب، وذلك من الكنيسة" (401). وحظيت هذه الكتب الخمسة بالاحترام والتقدير، وكانت تُقرأ لما فيها من فائدة، بل أن بعض مجلدات العهد الجديد شملت بعض هذه الكتب، ولكن بعد أن حدَّدت الكنيسة قانونية أسفار العهد الجديد بالسبعة والعشرين سفرًا، صار كل ما عدا هذه الأسفار ضمن الأسفار المنحولة بما فيها هذه الكتب الخمسة، وهذا لا يمثل مشكلة، فإن إقرار قانونية أسفار العهد الجديد، كما رأينا استغرق وقتًا طويلًا، ولكنه سار في سلاسة وهدوء مع دراسات جادة متأنيـة رصينة ومتزنة، بعيدًا عن أية مشادات أو عنف، ولم يسجل التاريخ حادثة حرق هذه الكتب كما ادعى البعض أن مجمع نيقية أمر بهذا. 

 ويقول "يوسابيوس القيصري": " (4) وضمن الأسفار المرفوضة يجب أن يعتبر أيضًا  "أعمال بولس"، وما يُسمى بسفر "الراعي" ورؤيا بطرس، يضاف إلى هذه رسالة برنابا التي لا تزال باقية، وما يُسمى تعاليم الرسل، وإلى جانب هذه، كما قدمت رؤيا يوحنا، إن كان ذلك مناسبًا، التي يرفضها البعض كما قدمت، ولكن الآخرين يضعونها ضمن الأسفار المقبولة" (3 : 25 : 4) (402)

 ويقول "القمص تادرس يعقوب": " وفي عام 1873 اكتشفت "الديداكية Didache "  أو "تعليم الرب للأمم كما فعله الاثنى عشر رسولًا".. الرسالة الأولى لأكليمنضس، غرضها معالجة موضوع النزاع (والشقاق) الذي ساد في كنيسة كورنثوس، أما الرسالة الثانية المنسوبة له فهيَ عظة وليست رسالة. ورسالة برناباس أشبه بمقالات لاهوتية بسيطة تعالج الربط بين العهد القديم والمسيحية... وكتاب الراعي لهرماس هو مجموعة من الروئ والوصايا تعالج موضوع التوبة بعد المعمودية. والديداكية هيَ أشبه بدلال كنسي"(403).. كما يقول أيضًا: "رسالة برناباس عمل غير أكيد، وهرماس شخص مجهول، والديداكية عمل لا يُعرَف واضعه"(404).

 

وفيما يلي نستعرض سريعًا هذه الأسفار:

1ــ كتاب الراعي
2ــ الديداكي (تعليم الرُّسل)
رسالة أكليمنضس
رسالة برنابا
5ـــ رؤيا بطرس

 

1ــ كتاب الراعي:

كاتبه هو هرماس Hermas، واعتقد أوريجانوس أنه هو الذي أشار إليه بولس الرسول: " سَلِّمُوا عَلَى أَسِينْكِرِيتُسَ، فِلِيغُونَ، هَرْمَاسَ، بَتْرُوبَاسَ، وَهَرْمِيسَ، وَعَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ" (رو 16 : 14)، ولكن ربما كان هذا الأمر مستبعدًا، لأنه يتضح من كتاب الراعي نفسه أنه كان عبدًا باعه سيده لسيدة فـي روما تُدعى "روده" Rhoda فأطلقته حرًّا، وعمل في الزراعة والتجارة حتى صار ثريًا، وتزوج من امرأة ثرثارة، وأنجب وأهمل في تربية أولاده، فانحرفوا عن جادة الصواب، وسقطوا في المعاصي (رؤ1 : 3) وافتقر بسببهم (رؤ1 : 2، 2 : 3، 3 : 6)، وتارة يصف هرماس نفسه بأنه إنسان فاضل بسيط بعيد عن الشهوات الشريرة (رؤ1 : 2)، وتارة يصف نفسه بأنه كاذب يتكلّم بالرياء (رؤ3) وعندما ثار الاضطهاد، تمسك هو وزوجته بإيمانهما، أمَّا أولاده فقد أنكروا الإيمان (راجع د. أسد رستم - آباء الكنيسة القرون الثلاثة الأولى ص49).

وكُتب هذا الكتاب في منتصف القرن الثاني، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فجاء عنه في وثيقة موراتوري سنة 170م: " أن الراعي قد كُتِب مؤخرًا في أيامنا بواسطة هرماس أخو بيوس أسقف روما، بينما كان يجلس على كرسي روما" وكان بيوس أسقفًا لروما خــلال الفترة (140-150م)، ويقول "أحد رهبان برية القديس مقاريوس": " وفي وثيقة مبكرة من العهد الجديد تُسمى "القانون الموراتوري"، نجد أن كلاَّ من "رسالة برنابا" و "الراعـي لهرماس" مستبعدين من الإنجيل. ولم تنل الكتابات المسيحية المشكوك في وحيها الإنجيلي أي اهتمام جدي مشجع من جانب الكنيسة منذ البدء، فلم تُقدّس أيًّا من هذه الكتابات أو تعتبر أنها مُوحى بها من الله، بالرغم من أن بعضها كان ذا بريق خاص، وبالرغم من أنها كانت تُقرأ في الكنائس باعتبارها ذات فائدة ومنفعة للمؤمنين" (405).

أما "القديس إيرينيؤس" فقال عنه أنه سفر مقدَّس: "حسنًا تكلم السفر قائلًا: أول كل شيء آمن بأن الله واحد الذي خلق كل الأشياء وأكملها" (5 : 8 : 7) (406)، وأيضًا اعتبره "أكليمنضس السكندري" نصًا مقدَّسًا، وكذلك "أوريجانوس". أما "يوسابيوس القيصري" فذكر الآراء المؤيدة للكتاب، وأيضًا الآراء المعارضة، واحتسبه من ضمن الكتب المضادة للكتاب المقدَّس فيقول: " ولكن نظرًا لأن نفس الرسول (بولس) في تحيته الواردة بآخر رسالة رومية ذكر (ضمن من ذكرهم) هرماس الذي يُنسب إليه السفر المُسمى "الراعي" فيجب ملاحظة أن هذا السفر أيضًا متنازع عليه ولا يمكن وضعه ضمن الأسفار المعترف بها" (3 : 3 : 6) (407).

وبعد أن كان "ترتليان" يعتبر الكتاب عملًا إلهاميًا تراجع عن رأيه وقال عنه أنه: "مؤلَّف عن الزناة" أو أنه " كتاب يحبذ الزناة"، وعُرِف هذا الكتاب في الشرق أكثر من الغرب منذ القرن الثاني للقرن الرابع، وكان يُقرأ في الكنائس وخارجها. ثم أُخرج من الأسفار القانونية.

وكتاب الراعي كتاب طويل لا يماثله أي سفر من أسفار العهد الجديد، ويشمل خمس رؤى أُعلنت لهرماس، بعضها يتعلق بالمستقبل، وبعضها يتعلق بالحياة الاجتماعية والحياة الشخصية للمسيحيين، ووُجِد لهذا الكتاب مخطوطة مشهورة باللغة اللاتينية، وأُخرى باللغة اليونانية عُثِر عليها في جبل أثوس في أثينا، وأيضًا عثر تشيندروف في دير سانت كاترين على مخطوطة لكتاب الراعي.

ويقول "دكتور أسد رستم": "ويجوز القول أن هرماس كان تقيًا متمسكًا بالإيمان غير مدرَّب في أمور العقيدة، سليم النية حسن الطوية. وأنه لم يكن كاتبًا أدبيًا، فإن عبارته اليونانية ركيكة وأسلوبه عقيم خالٍ من الحذاقة... وكتاب الراعي غزير المادة جم الفائدة لمؤرخ الكنيسة في النصف الأول من القرن الثاني. فإننا نلتقي فيه بجميـع طبقات المسيحيين، بالصالحين والأشرار، فهنالك أساقفة وكهنة وشمامسة أتقياء أمناء، وهنالك أيضًا كهنة مهملون طامعون وشمامسة أكلوا أموال الأرامل واليتامى. وفيه يبهر نور الشهداء الثابتين في الإيمان... وفيه المسيحي المُخلص والمرائي، والغني الذي لا يكترث للفقراء، والمؤمن الحقيقي الذي يبذل بسخاء" (408).

ويقول "القمص تادرس يعقوب": " لم يكن الكاتب أديبًا فقد جاءت لغته بسيطة وعامية... كما يلاحظ أن هناك حشوًا وتكرارًا لبعض الحقائق... فالكاتب يستقي من الكتاب المقدَّس من غير أن يورد آية من آياته بحرفيتها، ويستقي أيضًا من الكتب المنحولة ومن كتب المسيحيين والوثنيين على السواء، ومن اللاتينية والكتبة اللاتين" (409).

ويقول "القمص أثناسيوس المقاري" عن هرماس: " والكاتب بسيط الأسلوب، سهل اللغة، سطحي الثقافة، كثير الاستطراد، إلاَّ أنه مُطلع على آيات الكتاب المقدَّس دون أن يوردها بحرفيتها، يستقي مادته من الكتب المنحولة والكتب المسيحية والوثنية على حد سواء، عالمًا بالثقافات اليونانية واللاتينية مع خلفية عبرية" (410).

وقد رأى هرماس الروئ وهو في روما، من شخصين سماويين، أحدهما امرأة مُسنَّة، وثانيهما ملاك ظهر له بشكل راعي، ومن هنا دعى كتابه الذي كتبه بالراعي، ويشمل الكتاب خمس روئ، واثنى عشر وصية وعشرة أمثال... رأى هرماس الكنيسة في شكل امرأة مُسنَّة، " فقلت ولماذا هيَ سيدة مسنَّة. فقال لأنها أول المخلوقات ولأجلها وُجِد العالم" (رؤ 2 : 4 : 1)، ثم يراها فتاة مزيَّنة كعروس للمسيح (رؤ 4 : 2 : 1)، وأيضًا يراها كبرج بُني فوق الماء من حجارة أُخذت من عمق المياه كإشارة للمعمودية (رؤ 3 : 3)، ومما دُوّن في الكتاب أن التوبة تمارس مرة واحدة في الحياة: " للإنسان توبة واحدة، أما إذا أخطأ ثانية وتاب فتوبته باطلة" (411) مع أن "د. وهيب قزمان" يقول: " لكن هرماس لم يتطرف في فكره، ولم يُعلّم بأن لا مغفرة لمَن سقطوا بعد المعمودية، الأمر الذي قسى قلوب المؤمنين نحو هؤلاء المعلمين المتزمتين، وأعثرهم وكاد أن يقطع رجاءهم في قبول المسيح لهم بعد توبتهم عن خطاياهم. وكان هدف هرماس أن يكرز بإمكانية الغفران بعد التوبة. كان هرماس بحق أول المدافعين كتابة لا عن عقيدة كنسية، إنما عـن التائبين، (تمامًا مثلما كان البابا كالستوس بابا روما في القرن الثالث)..

لم يعتبر هرماس نفسه مصلحًا لاهوتيًا، بل كاهنًا راعيًا يتحدث بِاسم الإكليروس الروماني في عصره. عاش أواخر أيامه حياة العفة وإماتة الذات والشهوات والبساطة في السلوك والحياة، مارَس حياة الطهارة وهو كاهن ممتلئ بالإيمان الحي والغيرة على خلاص نفوس الآخرين والدفاع عن توبتهم وتأكيد غفران آثامهم.." (412) وحوى كتاب الراعي أخطاء لاهوتية، فمثلًا خلط الكاتب بين أقنوم الابن والروح القدس، فقال ملاك التوبة في المَثل التاسع: " إني أُريد أن أبين ما أظهره لك الروح القدس الذي كلمك بِاسم الكنيسة؛ لأن هذا الروح هو ابن الله".

أما عن الرؤى الخمسة التي رآها هرماس، فالرؤيا الأولى إذ سقط هرماس في خطية فكرية أزعجته، فظهرت له السيدة الجليلة وشجعته على التوبة عن خطاياه وخطايا عائلته. وفي الرؤيا الثانية ظهرت المرأة المسنَّة بشكل ملائكي وهيَ رمز للكنيسة، تقرأ في كتاب صغير بصوت مرتفع، وطلبت من هرماس أن ينقل ما يسمعه لرفاقه، فقال أنه لا يستطيع أن يتذكر كل ما سمع، واستأذن منها ليأخذ الكتاب فينسخه، فأعطته الكتاب فذهب في الطرف الآخر من الحقل وأخذ ينسخه حرفًا حرفًا، وكانت نساخته شاقة لصغر حجم الحروف ولصعوبة التمييز بين المقاطع، ولا سيما أنه كُتِب باليونانية فلا توجد فيه علامات ترقيم، والكتابة متصلة، وبمجرد أن أتم نساخته اختفى الكتاب من يده ولم يعرف مـن أخذه (راجع بارت إيهرمان - الاقتباس الخاطئ عن المسيح ص 68).

وفي الرؤيا الثالثة أرته السيدة الجليلة برجًا في طور البناء، وكل حجر لا يصلح للبناء يُرفَض، وكل خاطئ لا يتوب لا يشترك في الكنيسة المثلى، فلا بد من التوبة لأن الوقت مقصر. وفي الرؤيا الرابعة رأى تنينًا مرعبًا وقبيحًا يرمز للاضطهادات المحدقة بالكنيسة، ولكنه لا يستطيع أن يؤذي المؤمن الثابت في الإيمان، وتقف وراء التنين الكنيسة في شكل عروس جميل، ويقول هرماس: " بعد أن اجتزت التنين... قابلت فتاة مزينة كأنها خارجة من عرس... فغمرتني رؤيتها فرحًا فصافحتني... وقالت: إذا كنت قد نجوت من التنين، فلأنك ألقيت همومك على الله، وفتحت له قلبك وآمنت أنه لا خلاص لأي إنسان إلاَّ بواسطة اسمه العظيم... أذهب وفسر لمختاري الله أعماله المجيدة، وعرّفهم أن هذا الوحش صورة للأحزان المستقبلة العظيمة. استعدوا وتوبوا من أعماق قلوبكم. آمنوا بالمخلص أيها المؤمنون المتأرجحون!" (413).

وفي الرؤيا الخامسة يظهر ملاك التوبة في ثوب راعٍ يعلن الوصايا الواجب حفظها (راجع د. أسد رستم - آباء الكنيسة القرون الثلاث الأولى ص 50).

ويقول "دكتور أسد رستم" عن الوصايا: " أما الوصايا الاثنى عشر فتشمل: (1) إيمان وخوف وعفة (2) بساطة وبراءة (3) صدق وأمانة (4) طهارة وسلوك حسن في حالتي الزواج والترمل (5) صبر ورباطة جأش (6) من يجب تصديقه ومن يجب إهماله (7) من نخشى ومن لا نخشى والإشارة إلى الله والشيطان (8) ما نفعل وما نتجنب (9) الشك (10) الكآبة والتشاؤم (11) الأنبياء الكذبة (12) استئصال الشر من القلب واستبداله بالصلاح والفرح" (414)، وجاء في الوصية السادسة أن لكل إنسان ملاكان، ملاك الحق والبِر، وهو أنيس ومتواضع ووديع ولطيف يملأ القلب بالتقوى والطهارة والقداسة وكل عمل صالح وفضيلة مجيدة، وملاك الشر وهو عنيف صارم بَغوض أحمق وأعماله شريرة تهلك خدام الله (راجع د. أسد رستم - آباء الكنيسة القرون الثلاث الأولى ص55).

 

2ــ الديداكي (تعليم الرُّسل):

الذي اكتشف نص الديداكي هو المطران فيلوثاؤس فرينيوس سنة 1883م في مجموعة قوانين 1056، واختلف الدارسون في تاريخ كتابته، فأرجعه البعض للفترة من 50 ــــ70 م، والبعض من 60 - 70م، والبعض سنة 110م، والكاتب غير معروف، وأوضح النص مدى معاناة الكنيسة من الأنبياء الكذبة، ولذلك احتاجت وضع معايير محدَّدة لتمييز الأنبياء الحقيقيين (راجع د. سعيد حكيم - الآباء الرسوليون - مركز دراسات الآباء ص 93، 94).

والديداكي أو الديداخي أو الديداكية Didache كان يُستخدم في تعليم الموعوظين قبل عمادهم، وأُستخدم في كتابته نظام من "الطريقين Tow ways "، فيختار الإنسان بين طريق الحياة أو الموت، وقد أُستخدم هذا الأسلوب في الثقافة الهلينية، كما تشابه مع رسالة برنابا التي أُستخدم فيها أسلوب "الطريقين" أيضًا (برنابا فصول 18 - 20)، وبدأ الديداكي بالعبارة: "يوجد طريقان. أحدهما للحياة والآخر للموت، لكن الفارق بين الطريقين عظيم (1 : 1)، واعتبر أكليمنضس السكندري أن كتاب الديداكي من ضمن الأسفار القانونية، ويقول "القمص تادرس يعقوب" عن الديداكية: " كان لها أهمية خاصة في العصور الأولى حتى حاول البعض ضمها إلى أسفار العهد الجديد، فانبرى الكتَّاب الأولون يوضحون عدم قانونيتها، مثل البابا أثناسيوس الإسكندري والمؤرخــان يوسابيوس وروفينوس" (415).

ويحتوي كتاب الديداكي (16) فصلًا، وتتحدث الفصول (1-6) عن الحياة العملية والسلوك المسيحي، والفصول (7 - 10) يتحدث عن القسم الليتورجـي، المعمودية، والصوم، والصلاة، والإفخارستيا، والاعتراف، ووليمة الأغابـي، والفصول (11 - 15) تتحدث عن القسم التعليمي عن الترتيبات الكنيسية، والفصل (16) عن بروسيا الرب أو مجيئه الأخير (راجع القمص تادرس يعقوب - الديداكية ص 22-26، والقمص أثناسيوس المقاري - الديداخي ص 108-152).

وفصول الكتاب قصيرة يتراوح الفصل بين عددين أو ثلاثة، وبيـن أربعة عشر عددًا، وكتاب الديداكي كثير الاقتباس من إنجيل متى، ولا سيما العظة على الجبل، فمثلًا جاء في "الفصل الأول" الذي يحوي ستة أعداد:

" 2ـــ أما طريق الحياة فهو، أولًا أن تحب الله خالقك، وثانيًا أن تحب قريبك كنفسك، وكل ما لا تريد أن يُفعل بك، لا تفعله أنت أيضًا بآخر.

3ــ أن تعليم هذه الأقوال هو: باركوا لأعنيكم وصلوا لأجل أعدائكم، صوموا لأجل مضطهديكم، لأنه أي فضل لكم إن أحببتم الذين يحبونكم؟. أليس أن الأمم تعمل هكذا؟. أما أنتم فأحبوا مبغضيكم فلا يكون لكم عدو.

4ــــ امتنعوا عن الشهوات الجسدية واللحمية. من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر فتكون كاملًا، ومن سخرك ميلًا واحدًا فامش معه اثنين. إن أخذ واحد ثوبك، فأعطه رداءك أيضًا. وإن أخذ الذي لك فلا تطالبه لأنك لا تقدر.

5ــــ كل من سألك فأعطه ولا تطالبه.." (416).

وجاء في "الفصل الثامن": " 1ـــ لا تقيمون أصوامكم مع المرائين، فأنهم يصومون في اليوم الثاني والخامس من الأسبوع، أما أنتم فصوموا اليوم الرابع (الأربعاء) ويوم الاستعداد (الجمعة).

2ـــ ولا تصلوا كالمرائين، بل كما قال الرب في إنجيله، فصلوا هكذا. أبانا الذي في السموات، ليتقدس اسمك، ليأتِ ملكوتك، لتكن مشيئتك، كما في السماء كذلك علـى الأرض، خبزنا الذي للغد أعطنا اليوم، وأترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمَن عليهم، ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير، لأن لك القوة والمجد إلى الآباد.

3ـــ هكذا تصلون ثلاث مرات في اليوم" (417).

كما اقتبس كاتب الديداكي من إنجيليّ لوقا ويوحنا، ورسالتيّ بولس الرسول إلى رومية وكورنثوس ورسالتي القديس بطرس، وهناك ترجمات عديدة للديداكي قبطية، ولاتينية، وأثيوبية، وعربية، وأوروبية (راجع القمص أثناسيوس المقاري - الديداخي أي تعليم الرسل ص 100-106، والقمص تادرس يعقوب - الديداكية ص 38، 39).

 

رسالة أكليمنضس:

St-Takla.org Image: Translation of the relics of Hieromartyr Clement, Pope of Rome (d: 99) - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library. صورة في موقع الأنبا تكلا: نقل جسد الشهيد البابا كلمنت بابا روما (ن: 99) - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

St-Takla.org Image: Translation of the relics of Hieromartyr Clement, Pope of Rome (d: 99) - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library.

صورة في موقع الأنبا تكلا: نقل جسد الشهيد البابا كلمنت بابا روما (ن: 99) - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

أكليمنضس الروماني رفيق بولس الرسـول وتلميذه (في 4 : 3) واعتلى كرسي روما خلال الفترة (92 - 101م) وهو ثالث أسقف لروما بعد لينوس وأناكليتوس وكتب الرسالة نحو سنة 96، 97م في عهد الإمبراطور دومتيان، إذ تمرَّد بعض شباب كورنثوس على الإكليروس، وحدث انشقاق، فيقول "د. نصحـي عبـد الشهيد": "يتضح من نص الرسالة نفسها وما ذكره كل من إيرينيؤس وأوسابيوس أن الظروف التي استدعت إرسال هذه الرسالة إلى الكورنثيين هو حدوث انقسام ومشاجرات في كنيسة كورنثوس وتمرد من بعض الأفراد في الكنيسة ضد القسوس، إذ قاموا بعزلهم من عملهم في الكنيسة (أنظر الفصول 1، 3، 44 من الرسالة). ولذلك كتب القديس أكليمنضس إلى الكورنثيين يحثهم على الصلح والمحبة والتواضع مستشهدًا بأمثلة من الكتاب المقدَّس بعهديه ويحث على التمثل بالمسيح ورسله خاصة الرسولين بطرس وبولس. هذه الرسالة نالت تقديرًا عظيمًا في الكنيسة الأولى، وظلت تُقرأ في كنيسة كورنثوس وكنائس أخرى عديدة حتى بداية القرن الرابع... أثناء الخدمة الليتورجية" (418).. كتب أكليمنضس هذه الرسالة التي تفيض بروح الوداعة والاتضاع بعيدًا عن الرياء والمداهنة، امتازت بالصراحة بدون تعالي ولا تشامخ، فدعاهم للوفاق ونبذ الخصومات، واقتبس في رسالته نحو 157 عبارة من العهد القديم، و 158 عبارة من العهد الجديد، وجاء في الرسالة بعض العقائد مثل الثالوث القدوس الآب والرب يسوع المسيح والروح القدس، والحديث عن ألوهية السيد المسيح وربوبيته، كما تحدث فيها عن الفضائل المسيحية، فمثلًا جاء فيها: " المسيح هو مسيح المتواضعين لا المتعجرفين على قطيعه" (16 : 1).. " الحب يقود إلى أعالٍ لا يُخبَر بها... بالحب يأخذنا الرب إليه. بالحب يحملنا يسوع المسيح" (49 : 4، 6).. " لا وجود للكبار بدون الصغار، ولا للصغار بدون الكبار، وإنما في كل مكان يدمج (الكل) لنفع الجميع. أعظم مثل لهذا هو جسمنا، فالرأس بدون الأقدام ليس بشيء ولا الأقدام بدون الرأس" (47 : 4). 

وجاء في "دائرة المعارف الكتابية" عن الرسالة : " 3ــ الغرض والمحتويات: كُتبت الرسالة من "كنيسة الله المتغربة في روما إلى كنيسة الله المتغربة في كورنثوس". ويذكر الأصحاحان الأولان فضائل كنيسة كورنثوس، وثباتها وتواضعها وكرمها، ثم يذكر بإيجاز بعض الانقسامات التي حدثت، واستعاد تاريخ المحاسدات المذكورة في الكتاب ثم الحض على التوبة، وكيف أن ناموس المسيح يصنع السلام، وأن المسيح في اتضاعه قد حمل خطايانا، فالتواضع والسلام هما أعظم الفضائل. ثم يتحدث عن قيامة في المستقبل، مع ذكر قصة العنقاء...

ثم تحريضات مباشرة على القداسة والإيمان والأعمال الصالحة، وكيف أن المؤمنين مثل جيش عليهم إطاعة أوامر قادتهم، وأن الظروف تقتضي التعاون المشترك والنظام، والقادة يقيمهم الله ويجب الاعتراف بهم، ويجب أن يتوقف كل انقسام وكل عصيان للشيوخ، والمحبة هيَ الحل لكل المتاعب والصعاب وهيَ تستلزم نكران الذات، والرب هو الذي سيأتي بالسلام، ويختم الرسالة بالتضرع للرب طلبًا للمعونة والتطهير والســلام، ثم البركة" (419).

وللرسالة وزنها كقول القديس إيرينيؤس، وكانت تُقرأ في الكنائس في يــوم الرب (الأحد)، ووجدت الرسالة في المخطوط السكندري الذي يرجع تاريخه إلى القرن الخامس، ويقول "القمص تادرس يعقوب": "جاءت الرسالة في المخطوط الإسكندري للكتاب المقدَّس بعد سفر الرؤيا، منعزلة عن رسائل الرسل، فهيَ ليست برسالة رسولية ولا سفر من أسفار الكتاب المقدَّس مُوحَى بها، لكنها كوثيقة آبائية لعصر تلى الرسل مباشرة، حملت مكانة خاصة، تقدم لنا فكرًا آبائيًا إنجيليًا، ينتفع به المؤمنون" (3 : 16)(420).

ووجدت لهذه الرسالة عدة ترجمات، منها ترجمة لاتينية ترجع للقرن الثاني الميلادي، وترجمتان بالقبطية الأخميمية ترجع أحدها للقرن الرابع والأُخرى للقرن السابع، وترجمة سريانية ترجع إلى القرن الثاني عشر، ويقول "يوسابيوس القيصري": " وتوجد بين أيدينا رسالة لأكليمنضس هذا معترف بصحتها، وهيَ طويلة جدًا وهامة جدًا. وقد كتبها بِاسم كنيسة روما إلى كنيسة كورنثوس عندما قامت فتنة في هذه الكنيسة الأخيرة. ونحن نعلم أن هذه الرسالة كانت تستعمل في كنائس كثيرة في العصور الماضية ولا زالت.." (421).

وتشمل رسالة أكليمنضس (65) فصلًا، تحتوي مقدمة (1-3) وقسمين أساسيين (4 - 36، 37 - 61)، والخلاصة (62 - 65).. في المقدمة يُذكّر أهل كورنثوس بالأمجاد الماضية عندما قبلوا الإيمان، فيقول لهم: " مَن عاش بينكم ولا يشهد برسوخ إيمانكم، وغنى فضائلكم، ويعجب بتقواكم ووداعتكم في المسيح" (2 : 1)، وفي القسم الأول يشجب الانشقاق الحادث بينهم ويشجعهم على التوبة والمحبة والتواضع، وفي القسم الثاني تناول النزاع القائم بينهم ويشجعهم على دراسة الكتب المقدَّسة، والتمثل بالقديسين، والمحبة عوضًا عن الانشقاق، فالمحبة تستعجل المغفرة (49 : 5 - 6)، والخلاصة تسبيح وشكر للَّه، وفي النهاية يطلب منهم أن يعيدوا من أرسلهم بالرسالة وهم حاملون البشارة بحلول السلام في كنيستهم (65 : 1 - 2)، وميَّزت الرسالة بين الإكليروس والشعب، فذكرت الأساقفة رؤساء الكهنة، كما ذكرت الكهنة (الشيوخ) وأيضًا الشمامسة (40 : 5، 44 : 5، 57 : 1).

 

رسالة برنابا:

لا تعتبر رسالة برنابا رسالة لأنها خلت من العنوان والتحية والختام والتوقيع، إنما هيَ تمثل درس في المعرفة الكاملة والإيمان بحسب ما عبَّر عنها كاتبها: " أن تصير معرفتكم كاملة جنبًا إلى جنب مع إيمانكم" (1 : 5) وقد وُجِهت لرعية مجهولة أُشير إليها في الرسالة بالأولاد والبنات، أبناء الفرح، أبناء المحبة، الإخوة، ويرجع تاريخ كتابتها إلى نحو سنة 130م، ولم يرد فيها اسم "برنابا"، ولكن التقليد نسبها إلى برنابا رفيق بولس الرسول، ولكن بدراسة الرسالة يتضح بعدها عن فكر برنابا، لأنها تحمل ميول عدائية ضد اليهود، ولذلك قالوا أنها كُتبت في الإسكندرية بيد أحد معلميها لأنها تحمل الفكر الفلسفي واللاهوتي السكندري، كما أنها حُظيت بانتشار واحترام في الوسط السكندري، ووجدت الرسالة ضمن المخطوط السينائي الذي يرجع للقرن الرابع الميلادي، ووضعت بعد سفر الرؤيا، وأعتبرها أوريجانوس من الأسفار المقدَّسة، لرسالة جامعة كُتبت للكنيسة في العالم كله، واقتبس منها أكليمنضس السكندري ونسبها لبرنابا. أمَّا يوسابيوس القيصري فقد أوضح أنها من الكتب المُختلف في أمرها، وأعتبرها أيرونيموس (جيروم) أنها من كتب أبوكريفا المزيفة (راجع د. أسد رستم - آباء الكنيسة القرون الثلاثة الأولى ص 43 - 47). وجاء في "دائرة المعارف الكتابية": " مؤلفها: من المستبعد جدًا أن يكون كاتبها هو برنابا المذكور في سفر الأعمال، والذي كان رفيقًا للرسول بولس في رحلته التبشيرية الأولى، فهيَ ترجع إلى تاريخ متأخر عن ذلك كثيرًا، ولكن الأهم من ذلك، هو أن أسلوب التعليم الذي بها يختلف كل الاختلاف عن تعليم الرسول بولس...

أين كُتبت الرسالة: في رسالة برنابا عناصر تذكرنا بآسيا الصغرى. فمدة الملك الألفي  "بعد مجيء الابن" عنصر من عناصر الرسالة... والدليل الوحيد على استخدام رسالة برنابا في القرنين الثاني والثالث، هو أن أكليمندس الإسكندري أقتبس منها باعتبارها سفرًا كتابيًا، ويبدو أن أوريجانوس كان عنده نفس الفكر...

محتويات الرسالة: إن جزءًا كبيرًا من الرسالة عبارة عن اقتباسات، أغلبها من الترجمة السبعينية لسفر إشعياء، والبعض الآخر من أسفار قانونية أخرى، وأسفار غير قانونية  أيضًا، فيقتبس أقوالًا من أسدراس الثاني "كنبي آخر" (12)، ويقتبس من أخنوخ الأول (16 : 5).." (422).

وتحتوي الرسالة على (21) فصلًا، وتكثر الاقتباسات من سفر إشعياء، ومن العهد الجديد، كما تقتبس من أسفار غير قانونية، وتشمل الرسالة قسمين رئيسيين: القسم الأول القسم العقيدي (1-17) يتحدث فيه عن هجر شريعة العهد الجديد وتقديم الذبائح، وإتباع شريعة المسيح، فاللَّه لا يطلب ذبائح دموية بل يطلب قلوبًا تائبة، ولا يريد ختان الجسد بل ختان القلب والأذان، ولا يطلب الصوم الجسدي بل التخلي عن الظلم، وتحدثت الرسالة عن عقيدة التجسد والفداء، وأن الآب خاطب الابن قائلًا: " فلنصنع الإنسان علـى صورتنا ومثالنا" (تك 1 : 26)، وأن المعمودية تجدد الإنسان: " يجددنا بغفران خطايانا، ليغيرنا إلى طابع آخر، فتصير لنا النفس التي للأطفال كأنه يخلصنا ثانية" (6 : 11) والمعمودية تجعل من خلائق الله هياكل للروح القدس (16 : 1-18)، وتهاجم الرسالة تفسير اليهود الحرفي للعهد القديم، حتى أنهم شابهوا الوثنيين، وانشغلوا بالهيكل الحجري، وليس بهيكل القلب وحصروا الله في هيكلهم كالصنم. والقسم الثاني قسم أخلاقي (18 - 21) يشرح الفرق بين طريقي الفضيلة والرذيلة أو النور والظلمة، ويذكر الكاتب المُلك الألفي فيقول: أنه ستة أيام الخلق هيَ ستة آلاف سنة، لأن ألف سنة كيوم واحد فــي عيني الرب (مز 90 : 4)، ففي الستة آلاف سنة هذه تكتمل كل الأشياء ويتحطم الزمن الشرير، وتُعطى الفرصة للخطاة للتوبة، عندئذ يأتي الله ليدين الأشرار ويغيّر الشمس والقمر والنجوم ويستريح في اليوم السابع (15 : 3 - 5). وواضح مدى تأثر الكاتب بكتاب الديداكي، وأيضًا بكتاب النظام الخاص بجماعة الأسينيين في قمران.

 

5ـــ رؤيا بطرس:

ترجع إلى القرن الثاني، وجاء ذكرها في "وثيقة موراتوري" مع تعليق بأن البعض يؤيدون قراءة هذا الكتاب في الكنيسة، والبعض لا يعتبرونه سفرًا قانونيًا مُوحَى به، وقد أشار لهذا الكتاب ثاوفيلس الأنطاكي، واقتبس منه أكليمنضس السكندري، ومكاريوس الكبير، وذكر "سوزومين" أن هذه الرؤيا كانت تُقرأ في يوم جمعة الصلب، بينما اعتبرها يوسابيوس القيصري مثل بقية كتب أبوكريفا.

ويشمل كتاب رؤيا بطرس (89) فصلًا، ودُعي من البعض بكتاب الكمال، وانتشر على نطاق واسع، ووضعه البعض ضمن الأسفار القانونية، ثم أُخرج منها، وتم اكتشاف مخطوطة بردية باللغة اليونانية لهذا الكتاب في مقبرة أحد الرهبان بأخميم سنة 1886م، ولكن البردية فقدت البداية والنهاية، فحوى ما تبقى من البردية نحو نصف الكتاب، وأُكتشف مع هذه البردية جزء من إنجيل بطرس، وإنجيل أخنوخ. وفي سنة 1910م تم اكتشاف مخطوط آخر لرؤيا بطرس كاملة تحوي ترجمة موسَّعة باللغة الحبشية.

وتبدأ رؤيا بطرس بسؤال التلاميذ للسيد المسيح على جبل الزيتون عن علامات مجيئه وانقضاء الدهر، وفي الجزء الثالث يقول بطرس: " وأراني في يمينه صورة لما سيحدث في اليوم الأخير" ووصف له المُخلِّص مدى عذابات الأشرار، فهذه الرؤيا مرتبطة بقيامة المسيح من جانب، ومن جانب آخر مرتبطة بمكافأة الأبرار وعقاب الأشرار.

 ومن الأمور غير الصحيحة التي حوتها هذه الرؤيا هيَ:

أ - رضاء السيد المسيح عن عدد المؤمنين وعدد الخطاة، وهذا ضد الحقيقة لأنه هو الراعي الصَّالح الذي يترك 99 بارًا في الحظيرة، ويطوف يبحث عن شخص واحد ضال.

ب- يثني السيد المسيح على بطرس قائلًا: " كذلك أنت يا بطرس أصبحت كاملًا منسجمًا مع اسمك ونفسي... لذلك كن قويًا إلى تقليد الصلاح"، بينما عندما هجم الكتبة على المسيح وتلاميذه خاف بطرس، فيقول: " رأيت الكهنة والناس يركضون نحونا حاملين حجارة، كما لو كانوا سيقتلوننا، وكنت خائفًا أن نموت".

جـ - الذين يبتعدون عن التعليم الصحيح يوافقون مشيئة الآب، فيقول: " لأن الكثيرين سيقبلون تعاليمنا في البداية. وسيبتعدون عنها مرة أخرى بمشيئة الآب بسبب خطيتهم".

د - هل التين ينمو في الشوك؟ : " لأن الناس لا تجمع التين من الشوك أو من الشجر لو كانوا حكماء".

هـ - إلقاء شبه المسيح على آخر اُقتيد للصلب وفلت المسيح من الصليــب، فيقول: " قال المخلص لِي: الذي رأيته على الشجرة مبتهجًا وضاحكًا هو يسوع الحي، لكن الذي اخترقت المسامير يديه ورجليه هو جزء جسدي الذي هو بديل وُضِع للعار الذي جاء للوجود شبيهًا له، ولكن أنظر إليه وليَّ".. وقد تساءل البعض كيف ترفضون كتابًا ورد في أهم وثيقة للأسفار المقدَّسة وهيَ وثيقة مورانوري؟.. نؤكد أن وثيقة موراتوري في منتهى الأهمية ولكنها ليست إنجيلًا، فهيَ ليست معصومة من الخطأ، فنحن نأخذ منها ما هو صحيح فقط، لأن الوثيقة ذكرت الأوضاع كما كانت منتشرة حينذاك، وأيضًا ما نؤكد عليه أن وثيقة مورانوري لم تذكر عن رؤيا بطرس أنها سفرًا قانونيًا مقدسًا مُوحَى به من الله، بل ذكرت الآراء المختلفة فيها سواء بالقبول أو بالرفض.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(400) الطبعة اليسوعية للعهد الجديد ص 10.

(401) الطبعة اليسوعية للعهد الجديد ص 10.

(402) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط (2) عام 1979م ص 152.

 (403) المدخل في عالم الباترولوجي ص 52.

(404) المرجع السابق ص 137.

(405) دراسات في آباء الكنيسة ص 43.

(406) أورده يوسابيوس القيصري - ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ص 254.

 (407) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط (2) عام 1979م ص 114.

(408) آباء الكنيسة القرون الثلاثة الأولى ص 50، 52.

(409) المدخل في علم الباترولوجي ص 151.

 (410) الديداخي أي تعليم الرُّسل ص 58.

(411) أورده القمص أثناسيوس المقاري - الديداخي أي تعليم الرُّسل ص 59.

(412) الآباء الرسوليون - مركز دراسات الآباء ص 78.

 (413) الآباء الرسوليون - مركز دراسات الآباء ص 81.

(414) آباء الكنيسة - القرون الثلاث الأولى ص 51.

 (415) قانون الإيمان للرسل - الديداكية ص 22.

 (416) القمص أثناسيوس المقاري - الديداخي أي تعليم الرسل ص 20.

(417) المرجع السابق ص 24.

(418) د. وليم سليمان قلادة - رسالة أكليمندس الروماني إلى الكورنثيين - المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية ص 7.

(419) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 363.

(420) المدخل في علم الباترولوجي ص59.

(421) ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط (2) سنة 1979م ص 139، 140.

 (422) دائرة المعارف الكتابية جـ 2 ص 144.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/62.html

تقصير الرابط:
tak.la/k8jrxbr