St-Takla.org  >   books  >   fr-pakhomius-marcos  >   god-forsaken-me
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب إيمان الكنيسة حول آية: إلهي، إلهي، لماذا تركتني - القس باخوميوس القمص مرقص جبرة

10- شرح القديس أمبروسيوس للآية

 

القديس أمبروسيوس

 كتب القديس أمبروسيوس أسقف ميلان "شرح الإيمان المسيحي" للإمبراطور جراتيان، إمبراطور الغرب الذي أراد أن يحافظ على بلاده من التأثير الفاسد الذي للأريوسيين الذين أصبحت لهم اليد الأقوى في الشرق المسيحي في ذلك الوقت (حوالي 378م). وفي هذا الشرح نجد أنه يتكلم عن كثير من الآيات التي يُخاطب المسيحُ فيها الآبَ كإلهه. وتتلخص فكرته عن كل هذه الآيات أن المسيح يتكلم بسبب طبيعته البشرية مخاطبًا الآب كإنسان. وقد أورد تحديدًا الآية موضع البحث مرتين في هذا الشرح، وفي الكتيب الذي بين يديك، ستجد المرة الأولى؛ حيث أنها احتاجت منه فصلًا كاملًا والذي يحتاج بدوره للمطالعة من أوله لآخره لفهم مضمونها. أما المرة الثانية فهي في الكتاب الثالث، الفصل الرابع عشر حيث ذكرها ضمنًا في شرحه عن كيفية دعوة الكتاب المقدس له في المزامير والنبوات كـ“عبد". وفي ذلك قال:

[ما هذا إلا جسده[37]، الذي يدعوه الكتاب عبدًا، (لأننا) نرى {الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.}[38] لهذا فلأنه أخذ على نفسه طبيعتي، يكون خادمًا، ولكن بالنسبة لقوته الذاتية فهو الرب.]

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

St-Takla.org Image: Saint Ambrose of Milan (Aurelius Ambrosius). صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أمبروسيوس أسقف ميلان (القديس أمبروز).

St-Takla.org Image: Saint Ambrose of Milan (Aurelius Ambrosius).

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أمبروسيوس أسقف ميلان (القديس أمبروز).

ترجمة الفصل الرابع عشر من كتاب القديس أمبروسيوس الأول عن شرح الإيمان.

{كما أعتقد، فقد صار من الواضح الآن لجلالتك المكَرَّمة إن الرب يسوع ليس غير مشابه للآب، ولا بَدَءَ وجوده في الزمن. ولكن مازال علينا أن نفند تجديفًا آخر، وأن نُظهر أن ابن الله ليس كائنًا مخلوقًا. ها هي الكلمة النشيطة[39] والتي نقرأها لتساعدنا، لأننا قد سمعنا العبارة التي يقول فيها الرب: " وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا."[40] فهذا الذي يقول:"للخليقة كلها" لا يستثني شيئًا. كيف، إذًا، يفهم هؤلاء الذين يدعون المسيح "مخلوقًا"؟ لو كان مخلوقًا، فهل كان يقدر أن يأمر أن يُبَشَر هو نفسه بالإنجيل؟ لذلك، فهو ليس مخلوقًا، بل الخالق، ذاك الذي يسلم لتلاميذه عمل التعليم (التبشير) للمخلوقات. المسيح، إذًا، ليس كائنًا مخلوقًا؛ لأن الرسول يقول عن "الكائنات المخلوقة": "إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ"[41]، فهل أُخضِعَ المسيح لِلْبُطْلِ؟ وأيضًا عن "الخليقة" يقول نفس الرسول: "تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ."[42] فماذا إذًا؟ هل للمسيح أي مشاركة في هذا الأنين والمخاض، هذا الذي حررنا من الموت نحن الباكين البؤساء؟ "الخليقة" -يقول الرسول- "سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ"[43]. نرى إذًا أنه بين الخليقة وربها فارقًا هائلًا، لأن الخليقة مُستَعبَدة، ولكن "الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ"[44]

من هو ذاك الذي قاد أولًا إلى هذا الضلال، معلنًا أن ذاك الذي خَلَق وصنع كل الأشياء، يكون مخلوقًا؟ سأتساءل: هل الرب يخلق نفسه؟ نقرأ أن " كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ."[45]، فإذا كان الأمر هكذا، فهل صنع نفسه؟ نقرأ -ومن يمكنه الإنكار! - أن بالحكمة صنع الله كل الأشياء[46]. إذًا، كيف يمكننا أن نفترض أن الحكمة قد صُنعت بنفسها؟

نقرأ أن الابن مولود، حسب ما يقوله الآب: "من البطن قبل كوكب الصبح ولدتك."[47] نقرأ عن "الابن البكر[48]" والوحيد[49]": الابن البكر لأنه ليس هناك واحدًا قبله؛ والابن الوحيد لأنه ليس هناك واحدًا بعده. نقرأ أيضًا: " وَفِي جِيلِهِ (ميلاده)[50] مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ."[51] لاحظ "ميلاده" وليس "خلقته". أي جدال يمكن أن يقف ليقابل استشهادات عظيمة وقوية كهذه؟

علاوة على ذلك أن ابن الله يكشف الفرق بين الميلاد والنعمة[52] حين يقول: "إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ"[53]. لم يقل: "إني صاعد إلى أبينا" بل "إني صاعد إلى أبي وأبيكم." هذا التمييز هو علامة الاختلاف بحسب ما يكون ذاك هو أب المسيح، فهو يكون خالقنا. إضافةً إلى ذلك يقول: "إلهي وإلهكم"، لأنه وبالرغم من أنه (المسيح) وأبيه هم واحد، وبالرغم من أن الآب هو أبيه لكونهم من نفس الطبيعة، وقد بدأ الله أن يصير أبًا لنا -بالنعمة وليس بالطبيعة- من خلال عمل الابن، (لكنه) مازال يُظِهر أنه يشير الينا هنا لوجود الطبيعتين في المسيح: الألوهة (اللاهوت) والإنسانية (الناسوت)؛ لاهوت أبيه، وناسوت أمه، الأول (اللاهوت) كائن قبل كل الأشياء، والأخير (الناسوت) مأخوذ من العذراء. لأن الأول، متكلمًا كابن، دعا الله أبيه، وبعد ذلك تكلم كإنسان، دعاه إله.

وفي كل موضع بالفعل نلاحظ أن الكتب المقدسة أظهرت أن المسيح، أثناء دعوته لله كإلهه، يفعل هذا كإنسان. " إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟" وأيضًا: " مِنْ بَطْنِ أُمِّي أَنْتَ إِلهِي."[54]. ففي موضع الأول يعاني كإنسان، وفي الأخير (يتكلم عن) الإنسان الذي وُلدَ من رحم أمه. ولذلك فإنه حينما يقول: "مِنْ بَطْنِ أُمِّي أَنْتَ إِلهِي" فإنه يقصد أن هذا الذي كان دومًا والده يكون إلهه من اللحظة التي وُلد من بطن أمه.} [55]

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[37] بمعنى أنه حينما تتكلم النبوات عن المسيح كعبد، فهي تقصد فترة تجسده.

[38] (فيلبي 2: 6، 7).

[39] يقصد المملوءة حياة.

[40] (مر 16: 15).

[41] (رو 8: 20).

[42] (رو 8: 22).

[43] (رو8: 21).

[44] (2 كو 3: 17).

[45] (يو 1: 3).

[46] مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. (مز104: 24).

[47] (مز 110: 3) سبعينية.

[48] (2كو 1: 15).

[49] (يو 1: 14).

[50] يفهم القديس أمبروسيوس كلمة "جيله" من الترجمة السبعينية. فالكلمة اليونانية γενεὰ تعني عدة معاني: (1) ميلاد، (2) أقرباء (تكوين 31: 3)، (3) جيل من الرجال الذين يعيشون في نفس الزمن (متى 24: 34)، (4) جيل بمعنى فترة زمنية من 30 إلى33 عام (Thayer Greek-English Lexicon of the NT). فالكلمة هنا يمكن أن تشير إلى ميلاده، وبهذا يستقيم معنى كلامه.

[51] (إش 53: 8).

[52] نعمة التبني.

[53] (يو 20: 17).

[54] (مز 22: 10).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-pakhomius-marcos/god-forsaken-me/ambrose.html

تقصير الرابط:
tak.la/mm7rr2p