St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

583- ماذا قصد السيد المسيح بقوله: "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ" (لو 8: 18)؟ وهل: "مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي يَظُنُّهُ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ" (لو 8: 18) يتفق مع العدل الإلهي؟ وهل عندما جاءت العذراء مريم مع إخوة يسوع يطلبونه وقال: "أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا" (لو 8: 21) يُعد نوعًا من الازدراء بهم؟ ومن هم إخوة يسوع؟ وهل معجزة هياج البحر وهدوئه (لو 8: 22-24) لم تحدث كقول بعض النُقَّاد العقليين بل أنها قصة رمزية؟

 

س583: ماذا قصد السيد المسيح بقوله: "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ" (لو 8: 18)؟ وهل: "مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي يَظُنُّهُ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ" (لو 8: 18) يتفق مع العدل الإلهي؟ وهل عندما جاءت العذراء مريم مع إخوة يسوع يطلبونه وقال: "أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا" (لو 8: 21) يُعد نوعًا من الازدراء بهم؟ ومن هم إخوة يسوع؟ وهل معجزة هياج البحر وهدوئه (لو 8: 22-24) لم تحدث كقول بعض النُقَّاد العقليين بل أنها قصة رمزية؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- ماذا قصد السيد المسيح بقوله: "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ" (لو 8: 18)..؟ ليس كل من يسمع يُدرك ما قد سمعه، وليس كل من يدرك ينفذ ما سمعه، فالسماع يختلف من شخص إلى آخر بحسب استعداده الداخلي:

أ– هناك من يسمع وكأنه لم يسمع، وهناك من يسمع ويعي ويُدرك ويفهم ويستوعب، ولهذا قال مُخلصنا الصالح: "كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِه" (مت 13: 19).

ب- هناك من يسمع وسريعًا ما ينسى، وهناك من يسمع ويحفظ الكلام في قلبه ويتأمل فيه، ولذلك قال مُخلصنا: "اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ" (لو 17: 32) أي لا تنسوا موضوع خلاصكم ونجاتكم في هذا العالم الشرير.

جـ- هناك من يسمع بكبرياء فلا يعر الأمر اهتمامًا، وهناك من يسمع باتضاع ووقار مهتمًا بما سمع ويعمل به، لذلك أوصانا مخلصنا الصالح قائلًا: "فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ" (لو 21: 14)، وفي "أوشية الإنجيل" نصلي: "فلنستحق أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدَّسة بطلبات قديسيك".

د– هناك من يسمع ويشك مثل توما عندما سمع عن أخبار القيامة ولم يصدق، وهناك من يسمع ويؤمن دون أن يعاين: "طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا" (يو 20: 29).

هـ- هناك من يسمع كلام الإنجيل مثلما يسمع أي كلام آخر من أي إنسان، وهناك من يعي أن كلام يسوع هو كلام الحياة الأبدية: "إِلَى مَنْ نَذْهَبُ. كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ" (يو 6: 68).

فقول السيد المسيح: "انْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ" يجذب انتباهنا إلى أن نسمع باهتمام، ونسعى نحو الفهم والإدراك، ونعمل بما أدركناه.

أما التساؤل: "مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي يَظُنُّهُ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْه" (لو 8: 18) هل يتفق مع القول الإلهي..؟ فقد تم مناقشة هذا الموضوع بالتفصيل أثناء حديثنا عن مَثَل الوزنات، فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد جـ 5 س410.

 

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ, circle art (image 5) - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح، فن في شكل دائرة (صورة 5) - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ, circle art (image 5) - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح، فن في شكل دائرة (صورة 5) - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

2- هل عندما جاءت العذراء مريم مع إخوة يسوع يطلبونه وقال: "أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ الله وَيَعْمَلُونَ بِهَا" (لو 8: 21) يُعد نوعًا من الإزدراء بهم..؟ بالقطع لم يقصد السيد المسيح أن يزدري بأمه وإخوته، ولكنه فقط لم يشأ أن يوقف خدمته، كما أنه استغل المعلومة التي وصلته بوصول أمه وإخوته إليه، ليكشف عن عمق العلاقة بينه وبين الذين يطيعون وصاياه، وهو لم يقل أي كلمة يُشتم منها رائحة الازدراء بهم، ولم يتنكر لأمه وإخوته، وقد سبق مناقشة هذا الموضوع فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد جـ 4 س343، جـ6 س502، ونضيف هنا قول "القديس كيرلس الكبير": "والآن فلا يتخيل أحد أن المسيح يزدري بالكرامة الواجبة نحو أمه، وأنه يتجاهل باحتقار المحبة اللازمة أو المحبة اللائقة لإخوته. فإنه هو الذي نطق بالناموس بواسطة موسى وقال بوضوح: "أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ... لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ علَى الأَرْضِ" (تث 5: 16). وكيف يستطيع أن يرفض المحبة الواجبة لإخوته وهو الذي أوصانا أن نحب ليس مجرد إخوتنا، بل أولئك الذين يقفون منا موقف العداء؟ لأنه يقول "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ" (مت 5: 44)، لذلك فما الذي يرغب المسيح أن يعمله؟ إنه يقصد أن يرفع محبته جدًا من نحو أولئك الذين هم على استعداد أن يحنوا أعناقهم لوصاياه... فإن كان يقول أن الذين يسمعون كلمته ويعملون بها هم أمه وإخوته أفلا يكون واضحًا لكل واحد أن يمنح لأولئك الذين يتبعونه حبًا شاملًا وجديرًا بدعوتهم؟" (214).

أما عن التساؤل: من هم إخوة يسوع..؟ فقد سبق مناقشة هذا الموضوع فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد جـ3 س194. ونضيف هنا قول "الأنبا غريغوريوس" أسقف عام الدراسات القبطية والبحث العلمي: "إن يوسف لم يعرف السيدة العذراء معرفة الأزواج قبل ميلاد مُخلصنا، أو بعده، وبالتالي لم يكن لمُخلصنا إخوة أشقاء بالمعنى المعروف لهذه الكلمة، كان يُقال عن أقرباء أمه وأقرباء يوسف أنهم إخوته" (215). وبعد أن عرض "الدكتور القس إبراهيم سعيد" عدة آراء فيمن هم إخوة يسوع: "إذا كانوا أبناء يوسف من زوجته السابقة، أو أبناء أخت مريم العذراء، أو أبناء يوسف ومريم"، ثم عقب على الرأي الثالث قائلًا: "وأعتقد أنا أن مريم لم تتزوج قطعًا من يوسف" (216).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

 

3- هل معجزة هياج البحر وهدوئه (لو 8: 22-24) لم تحدث كقول بعض النُقَّاد العقليين بل أنها قصة رمزية..؟ لا يكف الشيطان عن التشكيك في أقوال اللَّه وأعماله، بالرغم من أن الأدلة على حقيقة هذه المعجزة كثيرة وعديدة، نذكر منها:

أ– نحن نؤمن أن اللَّه ضابط كل شيء، وعند ارتفاع لجج البحر هو يسكتها: "أَنْتَ مُتَسَلِّطٌ عَلَى كِبْرِيَاءِ الْبَحْرِ. عِنْدَ ارْتِفَاعِ لُجَجِهِ أَنْتَ تُسَكِّنُهَ" (مز 89: 9)، ونحن نؤمن أن السيد المسيح هو الإله المتجسّد المتأنس من أجل خلاص جنسنا، وأن التجسُّد لم يغير شيئًا في الطبيعة الإلهيَّة، فالتجسُّد لم يضعف الطبيعة الإلهيَّة، فلما يستعجب البعض عندما يسكت السيد المسيح ثورة البحر الهائج مرة ومرتين. أما أولئك العقلانيون الذي سيَّدوا وألّهوا وعبدوا العقل، فإنهم يرفضون كل ما هو فوق مستوى العقل (راجع أيضًا الخوري بولس الفغالي - إنجيل لوقا جـ 1- ظهور الكلمة والرسالة في الجليل ص524).

ب- هياج البحر أمر متوقع ومتكرر، فلا عجب أن البحر يهيج ويبتلع السفن، ولا عجب أن اللَّه الذي أنقذ قديمًا ركاب السفينة التي حملت يونان عندما هاج البحر ليبتلعها هو الذي أسكت هياج بحر طبرية وأنقذ التلاميذ ومن معهم، وهو الذي أنقذ بولس الرسول عندما انكسرت به السفينة، ليس مرة واحدة بل ثلاث مرات (2 كو 11: 25). إلهنا هو إله المستحيلات.

جـ- نحن نؤمن أن كتَّاب الأسفار المقدسة كتبوا بوحي روح اللَّه القدوس الذي أنار أذهانهم وأرشدهم وعصمهم من كل خطأ، وقد دقَّقت الكنيسة جدًا في تحديد قانونية الأسفار، فلا مجال للتشكيك في مصداقية أي جزئية جاءت في الأسفار المقدَّسة، فكل الكتاب هو موحى به من اللَّه في إجماله وفي تفصيلاته.

د– عندما كُتبت الأناجيل كان هناك الكثيرون ممن عاصروا الأحداث الإنجيلية، فلو كان هناك نوعًا من المبالغة والتهويل في ذكر هذه الأحداث الإنجيلية، ما صمت هؤلاء المعاصرون للأحداث.

هـ- قبلت الكنيسة من مشارق الشمس إلى مغاربها هذه المعجزة الجبارة التي حدثت مرتين، تارة كان فيها السيد المسيح نائمًا على وسادة في آخر المركب (مر 4: 35-41) وتارة جاء لهم ماشيًا على المياه (مر 6: 45-53).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(214) ترجمة د. نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا، ص195.

(215) الإنجيل حسب القديس لوقا - ترجمة لجنة قداسة البابا كيرلس السادس، ص254.

(216) شرح بشارة لوقا، ص195.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/583.html

تقصير الرابط:
tak.la/r9avbj6