St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   09-Sefr-Samoil-El-Awal
 

تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب

سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

صموئيل الأول 3 - تفسير سفر صموئيل أول

دعوة صموئيل

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب صموئيل اول:
تفسير سفر صموئيل الأول: مقدمة سفر صموئيل الأول | صموئيل الأول 1 | صموئيل الأول 2 | صموئيل الأول 3 | صموئيل الأول 4 | صموئيل الأول 5 | صموئيل الأول 6 | صموئيل الأول 7 | صموئيل الأول 8 | صموئيل الأول 9 | صموئيل الأول 10 | صموئيل الأول 11 | صموئيل الأول 12 | صموئيل الأول 13 | صموئيل الأول 14 | صموئيل الأول 15 | صموئيل الأول 16 | صموئيل الأول 17 | صموئيل الأول 18 | صموئيل الأول 19 | صموئيل الأول 20 | صموئيل الأول 21 | صموئيل الأول 22 | صموئيل الأول 23 | صموئيل الأول 24 | صموئيل الأول 25 | صموئيل الأول 26 | صموئيل الأول 27 | صموئيل الأول 28 | صموئيل الأول 29 | صموئيل الأول 30 | صموئيل الأول 31

نص سفر صموئيل الأول: صموئيل الأول 1 | صموئيل الأول 2 | صموئيل الأول 3 | صموئيل الأول 4 | صموئيل الأول 5 | صموئيل الأول 6 | صموئيل الأول 7 | صموئيل الأول 8 | صموئيل الأول 9 | صموئيل الأول 10 | صموئيل الأول 11 | صموئيل الأول 12 | صموئيل الأول 13 | صموئيل الأول 14 | صموئيل الأول 15 | صموئيل الأول 16 | صموئيل الأول 17 | صموئيل الأول 18 | صموئيل الأول 19 | صموئيل الأول 20 | صموئيل الأول 21 | صموئيل الأول 22 | صموئيل الأول 23 | صموئيل الأول 24 | صموئيل الأول 25 | صموئيل الأول 26 | صموئيل الأول 27 | صموئيل الأول 28 | صموئيل الأول 29 | صموئيل الأول 30 | صموئيل الأول 31 | صموئيل الأول كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

في وسط الظلام الخارجي الدامس، "قبل أن ينطفئ سراج الله... في الهيكل" [3] دعا الله صموئيل، ليقيمه سراجًا وسط شعبه، يعلن إرادته الإلهية ويشهد للحق.

 

1. دعوة صموئيل

   

[1 -14].

2. حديث صموئيل مع عالي الكاهن

   

[15 -18].

3. الله يسند صموئيل

   

[19 -21].

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. دعوة صموئيل:

1 وَكَانَ الصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ الرَّبَّ أَمَامَ عَالِي. وَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ عَزِيزَةً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. لَمْ تَكُنْ رُؤْيَا كَثِيرًا. 2 وَكَانَ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ إِذْ كَانَ عَالِي مُضْطَجِعًا فِي مَكَانِهِ وَعَيْنَاهُ ابْتَدَأَتَا تَضْعُفَانِ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُبْصِرَ. 3 وَقَبْلَ أَنْ يَنْطَفِئَ سِرَاجُ اللهِ، وَصَمُوئِيلُ مُضْطَجعٌ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ الَّذِي فِيهِ تَابُوتُ اللهِ، 4 أَنَّ الرَّبَّ دَعَا صَمُوئِيلَ، فَقَالَ: «هأَنَذَا». 5 وَرَكَضَ إِلَى عَالِي وَقَالَ: «هأَنَذَا لأَنَّكَ دَعَوْتَنِي». فَقَالَ: «لَمْ أَدْعُ. ارْجعِ اضْطَجعْ». فَذَهَبَ وَاضْطَجَعَ. 6 ثُمَّ عَادَ الرَّبُّ وَدَعَا أَيْضًا صَمُوئِيلَ. فَقَامَ صَمُوئِيلُ وَذَهَبَ إِلَى عَالِي وَقَالَ: «هأَنَذَا لأَنَّكَ دَعَوْتَنِي». فَقَالَ: «لَمْ أَدْعُ يَا ابْنِي. ارْجعِ اضْطَجعْ». 7 وَلَمْ يَعْرِفْ صَمُوئِيلُ الرَّبَّ بَعْدُ، وَلاَ أُعْلِنَ لَهُ كَلاَمُ الرَّبِّ بَعْدُ. 8 وَعَادَ الرَّبُّ فَدَعَا صَمُوئِيلَ ثَالِثَةً. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى عَالِي وَقَالَ: «هأَنَذَا لأَنَّكَ دَعَوْتَنِي». فَفَهِمَ عَالِي أَنَّ الرَّبَّ يَدْعُو الصَّبِيَّ. 9 فَقَالَ عَالِي لِصَمُوئِيلَ: «اذْهَبِ اضْطَجعْ، وَيَكُونُ إِذَا دَعَاكَ تَقُولُ: تَكَلَّمْ يَا رَبُّ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ». فَذَهَبَ صَمُوئِيلُ وَاضْطَجَعَ فِي مَكَانِهِ. 10 فَجَاءَ الرَّبُّ وَوَقَفَ وَدَعَا كَالْمَرَّاتِ الأُوَلِ: «صَمُوئِيلُ، صَمُوئِيلُ». فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «تَكَلَّمْ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ». 11 فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «هُوَذَا أَنَا فَاعِلٌ أَمْرًا فِي إِسْرَائِيلَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ بِهِ تَطِنُّ أُذُنَاهُ. 12 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ عَلَى عَالِي كُلَّ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَى بَيْتِهِ. أَبْتَدِئُ وَأُكَمِّلُ. 13 وَقَدْ أَخْبَرْتُهُ بِأَنِّي أَقْضِي عَلَى بَيْتِهِ إِلَى الأَبَدِ مِنْ أَجْلِ الشَّرِّ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ بَنِيهِ قَدْ أَوْجَبُوا بِهِ اللَّعْنَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يَرْدَعْهُمْ. 14 وَلِذلِكَ أَقْسَمْتُ لِبَيْتِ عَالِي أَنَّهُ لاَ يُكَفَّرُ عَنْ شَرِّ بَيْتِ عَالِي بِذَبِيحَةٍ أَوْ بِتَقْدِمَةٍ إِلَى الأَبَدِ».

 

St-Takla.org Image: The Lord calls Samuel (1 Samuel 3:1-4) صورة في موقع الأنبا تكلا: الرب يدعو صموئيل (صموئيل الأول 3: 1-4)

St-Takla.org Image: The Lord calls Samuel (1 Samuel 3:1-4)

صورة في موقع الأنبا تكلا: الرب يدعو صموئيل (صموئيل الأول 3: 1-4)

أ. يبدو أن الله دعا صموئيل قُبيل الفجر، وسط الظلام الخارجي الحالك، إذ قيل: [وقبل أن ينطفئ سراج الله وصموئيل مضطجع في هيكل الرب الذي فيه تابوت العهد] [3]. جاء في (خر 27: 21، لا 24: 2-3) أن السراج (المنارة) يُشعل من المساء حتى الصباح، وكأن دعوة الرب جاءت قبل الصباح في نهاية الليل.

بجانب الظلام الملموس وُجد ظلام آخر، إذ قيل: "وكانت كلمة الرب عزيزة في تلك الأيام؛ لم تكن رؤيا كثيرة" [1]. عبر المرتل عن هذا الظلام بقوله: "لماذا رفضتنا يا الله إلى الأبد؟‍... آياتنا لا نرى، لا نبي بعد، ولا بيننا من يعرف حتى متى" (مز 74: 1، 9) كما عبّر عنه عاموس النبي: "هوذا أيام تأتي يقول السيد الرب أرسل جوعًا في الأرض، لا جوعًا للخبز، ولا عطشًا للماء، بل لاستماع كلمات الرب" (عا 8: 11).

وسط هذا الظلام الحالك، والمجاعة الروحية، أعد الله صبيًا صغيرًا يخدم الهيكل (خيمة الاجتماع) بأمانة، خلاله ينير الله وسط شعبه. هكذا في كل جيل يقيم الله بقية أمينة تشهد له وتخدمه بالروح والحق. فعندما سقط الشعب في العبودية أرسل لهم موسى، وعندما ثار أريوس ضد لاهوت المسيح أرسل الله أثناسيوس الرسولي وهكذا يبقى الله ساهرًا على كنيسته حتى إن ظن الظلام أنه قد ساد. بمعنى أخر. بقوله: "قبل أن ينطفئ سراج الله" [3] عني أنه وسط الظلام كان صاحب البيت نفسه - يهوه - ساهرًا، قائمًا على بيته، مهتمًا برعاية شعبه(43).

 

ب. إذ قدم لنا الكتاب المقدس الظروف التي خلالها دعا الله صموئيل، يقول: "كان عالي مضجعًا في مكانه وعيناه ابتدأتا تضعفان، لم يقدر أن يبصر... وصموئيل مضطجع في هيكل الرب الذي فيه تابوت الله" [2، 3]. لم يكن صموئيل مضطجعًا في ذات الخيمة، القدس أو قدس الأقداس، وإنما في أحد الأبنية الملحقة به وكان عالي مضطجعًا في حجرة أخرى في ذات المبنى، ومع هذا قيل عن صموئيل إنه كان مضطجعًا في هيكل الرب الذي فيه تابوت الله بينما قيل عن عالي إنه مضطجع في مكانه؛ لماذا؟ من حيث الجسد كان كلاهما مضطجعين في مبنى واحد، لكن في عيني الله حُسِب صموئيل أنه في هيكل الرب أمام تابوت الله حتى في لحظات نومه، إذ يقول مع العروس: "أنا نائمة وقلبي مستيقظ" (نش 5: 2). بجسده ينام خارج الخيمة أما قلبه فكان ملاصقًا لها، في داخلها. أما عالي رئيس الكهنة فكان نائمًا في مكانه، أي حيث يوجد جسده تبقى نفسه حبيسة المكان!

كان صموئيل نائمًا لكن بصيرته تعاين القدسات، أما عالِ فلم يقدر أن يبصر! لقد دبت فيه شيخوخة العجز الداخلي وأصيبت بصيرته بالعمى خلال تهاونه بالمقدسات الإلهية بسب ابنيه!

 

St-Takla.org Image: So Samuel ran to Eli and said, "Here I am, for you called me." And he said, "I did not call; lie down again." And he went and lay down. (1 Samuel 3:5) صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يأتي إلى عالي (صموئيل الأول 3: 5)

St-Takla.org Image: So Samuel ran to Eli and said, "Here I am, for you called me." And he said, "I did not call; lie down again." And he went and lay down. (1 Samuel 3:5)

صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يأتي إلى عالي (صموئيل الأول 3: 5)

ج. قيل "ولم يعرف صموئيل الرب بعد ولا أُعلن له كلام الرب بعد" [7]. شتان بين عدم معرفة صموئيل وعدم معرفة ابني عالي، صموئيل لم يكن بعد قد تعرف عليه خلال صوته والرؤى لكنه تعرف عليه خلال الإيمان والخبرة اليومية، أما ابنا عالي فلم يعرفاه إذ لم يتمتعا بالطاعة والمحبة وخبرة الشركة معه.

في ملء الزمان لم نسمع الصوت فحسب -كما حدث مع صموئيل النبي- وإنما جاء الكلمة الإلهي ذاته متجسدًا، وحلَّ بيننا لنعاينه ونتعرف ونثبت فيه، فيحملنا إلى حضن أبيه ويكشف لنا أسراره الإلهية. هذه هي المعرفة التي لأجلها تهلل يسوع رب المجد عندما قدمها للمؤمنين خلال البساطة (لو 10: 21). وقد دعا القديس أكليمندس الإسكندري المسيحيَّ الحق "غنوسيًا" أي صاحبَ معرفة روحية، غايته أن يتعرف على الله (الحق) ويراه(44)، أي يعبر إلى كمال المعرفة خلال الإيمان، وذلك بخبرة الحياة النقية والتأمل الدائم. هذه المعرفة هي هبة إلهية نتقبلها خلال الابن، بقبولنا إياه وتشبهنا به، أي خلال نقاوة القلب نُعاين الله وندرك ما يبدو للآخرين غير مُدْرَك(45).

 

د. نادى الرب صموئيل، وكان الصبي في حوالي الثانية عشرة من عمره كما يقول القديس يوسيفوس: [سمع الصوت لأن أوتار قلبه تحمل حساسية لتسمع صوت الله وإن كان قد ظنه صوت عالي الكاهن].

إذ سمع الصوت ظن عالي يُناديه لذلك "ركض إلى عالي وقال: هأنذا لأنك دعوتني" [5]. بلا شك كان صموئيل يرى بعينيه عثرات ابني عالي وفسادهما، لكنه في روح الحب والاتضاع إذ سمع الصوت "ركض"، أي جرى مسرعًا لئلا يكون عالي في حاجة إلى خدمة أو مساعدة. لقد تدرب على خدمة الغير بفرح بلا تردد دون النظر إلى استحقاقاتهم. والعجيب أن الأمر تكرر ثلاث مرات، وفي كل مرة يسرع إلى الكاهن الشيخ دون تذمر مع أن الوقت كان قبل الفجر. عاش صموئيل الصبي يخدم الكاهن الشيخ ويطلب إرشاده مطيعًا له.

St-Takla.org Image: Then the LORD called yet again, "Samuel!" So Samuel arose and went to Eli, and said, "Here I am, for you called me." He answered, "I did not call, my son; lie down again." (Now Samuel did not yet know the LORD, nor was the word of the LORD yet revealed to him.) (1 Samuel 3:6-7) صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يحضر مرة أخرى إلى عالي (صموئيل الأول 3: 6-7)

St-Takla.org Image: Then the LORD called yet again, "Samuel!" So Samuel arose and went to Eli, and said, "Here I am, for you called me." He answered, "I did not call, my son; lie down again." (Now Samuel did not yet know the LORD, nor was the word of the LORD yet revealed to him.) (1 Samuel 3:6-7)

صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يحضر مرة أخرى إلى عالي (صموئيل الأول 3: 6-7)

يفتتح القديس يوحنا كليماكوس مقاله عن "الطاعة" بكونها مع الشعور بالغربة يُمَثِّلَان جناحين ذهبيين يُصْعِدَان الإنسان كحمامة إلى السماء (مز 55: 6)، على أن تكون الطاعة "حبًا في المسيح"(46).

* الطاعة التي هي بنت الاتضاع ليست أن يصنع الإنسان ما يشاء... ولكن هي أن يقطع الإنسان جميع هوى نفسه، ويعمل هوى الذي ائتمنه على نفسه، يعني الأب الروحاني، دفعة واحدة.

مار فيلوكسينوس(47)

* طريق الطاعة هو أقصر المسالك وإن يكن أكثرها صعوبة.

القديس يوحنا الدرجي(48)

 

ه. نادى الرب صموئيل باسمه شخصيًا، ومع هذا لم يكن ممكنًا لهذًا المبارك أن يتعرف عليه ويلتقي به دون إرشاد عالي الكاهن الذي اتسم بالتهاون في حق الله مع أولاده. هكذا يليق بنا ألا نستهين بالكاهن كمرشد وأب، إذ يقودنا للقاء الشخصي مع الله أبينا يسوع مخلصًنا بواسطة روح الله القدوس.

* الله لم يعلم صموئيل النبي بالحديث المباشر ولا بالحوار الإلهي، بل سمح له بالذهاب مرة أخرى إلى الشيخ (عالي الكاهن). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). لقد شاء أن يتدرب - ذاك الذي استحق سماع صوت الله - على يدي (عالي) الذب أغضب الله... حتى يختبر ذاك الذي دُعي إلى وظيفة إلهية حياة الاتضاع، ويكون قدوة للشباب في هذا الأمر.

القديس موسى(49)

St-Takla.org Image: And the LORD called Samuel again the third time. Then he arose and went to Eli, and said, "Here I am, for you did call me." Then Eli perceived that the LORD had called the boy (1 Samuel 3:8) صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يرجع مرة ثالثة إلى عالي (صموئيل الأول 3: 8)

St-Takla.org Image: And the LORD called Samuel again the third time. Then he arose and went to Eli, and said, "Here I am, for you did call me." Then Eli perceived that the LORD had called the boy (1 Samuel 3:8)

صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يرجع مرة ثالثة إلى عالي (صموئيل الأول 3: 8)

* يقول سفر الأمثال: "الذين ليس لهم تدبير يسقطون كالأوراق، أما الأمان ففي كثرة المشورة" (أم 11: 14) (راجع الترجمة السبعينية)... انظروا ماذا يعلمنا الكتاب المقدس. إنه يؤكد لنا أنه يلزمنا ألا نقيم أنفسنا كمركز قيادة، فنحسب أنفسنا ثاقبي الفكر، ونعتقد أننا قادرون على توجيه أنفسنا. نحتاج إلى عون وإرشاد بجانب نعمة الله. ليس من بائس ولا مَن يصطاد بسهولة في غير حذر مثل ذاك الذي لا يقوده أحد في طريق الله...

كيف يمكننا أن نتعرف على إرادة الله أو نطلبها كاملة إن وثقنا فقط في أنفسنا وتشبثنا بإرادتنا الذاتية؟ لذلك اعتاد الأب بومين Poemen أن يقول: [الإرادة (الذاتية) هي حائط نحاسي بين الله والإنسان(50)]...

إن أراد إنسان الأمان لنفسه عليه أن يُعرى كل أفكاره الخفية ويسمع من مرشد مختبر: "افعل هذا، وتجنب ذلك. هذا حق وذاك لا. هذه فضيلة وتلك إرادة ذاتية". أو مرة أخرى يسمع: "إنه ليس وقتًا مناسبًا لعمل هذا" وفي وقت أخر: "الآن وقت لائق لعمل هذا". بهذا لا يجد الشيطان فرصته لأذيته وضربه، إذ يكون على الدوام في حالة ضبط وحذر وفي أمان.

الأب دوروثيؤس من غزة(51) 

* مَن يعتمد على رأيه الذاتي ولو كان قديسًا فهو مخدوع، وخطر خداعه أخطر من خطر المبتدئ الذي سلم تدبيره بيد غيره.

القديس يوحنا الذهبي الفم(52)

* مَن يسمع من آبائه فمن الرب يسمع... ومن لا يسمع منهم فلا يسمع من الرب.

القديس أنبا أنطونيوس(53)

 

و. "فجاء الرب ووقف ودعا كالمرات الأُوَل: صموئيل صموئيل" [10]. هكذا يصور لقاء الله مع صموئيل كأنما قد ترك الرب عرشه الشاروبيمي ونزع الحجاب ليقف في المسكن المقدس يدعو الصبي. يا له من تنازل إلهي عجيب، ومحبة فائقة له نحو الإنسان! الله يقف ليدعو صبيًا إلى عمل فائق!

St-Takla.org Image: Samuel praying صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يصلي

St-Takla.org Image: Samuel praying

صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يصلي

ز. جاءت إجابة صموئيل: [فإن عبدك سامع] تعلن أن جوهر النبوة هو الاستماع والطاعة للصوت الإلهي. هكذا تدرب صموئيل النبي منذ طفولته على الطاعة، مدركًا أنها أفضل من ذبائح كثيرة، الأمر الذي لم يختبره شاول الملك (1 صم 15: 22).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. حديث صموئيل مع عالي:

15 وَاضْطَجَعَ صَمُوئِيلُ إِلَى الصَّبَاحِ، وَفَتَحَ أَبْوَابَ بَيْتِ الرَّبِّ. وَخَافَ صَمُوئِيلُ أَنْ يُخْبِرَ عَالِيَ بِالرُّؤْيَا. 16 فَدَعَا عَالِي صَمُوئِيلَ وَقَالَ: «يَا صَمُوئِيلُ ابْنِي» فَقَالَ: «هأَنَذَا». 17 فَقَالَ: «مَا الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمَكَ بِهِ؟ لاَ تُخْفِ عَنِّي. هكَذَا يَعْمَلُ لَكَ اللهُ وَهكَذَا يَزِيدُ إِنْ أَخْفَيْتَ عَنِّي كَلِمَةً مِنْ كُلِّ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمَكَ بِهِ». 18 فَأَخْبَرَهُ صَمُوئِيلُ بِجَمِيعِ الْكَلاَمِ وَلَمْ يُخْفِ عَنْهُ. فَقَالَ: «هُوَ الرَّبُّ. مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ يَعْمَلُ».

 

تحدث الرب مع صموئيل عن أمور مستقبلة كأنه تتحقق في الحاضر [11]، معلنًا له أنه يحقق ما سبق أن تكلم به عن بيت عالي من أمور مخفية قائلًا له: "أقسمت لبيت عالي أنه لا يكفر عن شر بيت عالي بذبيحة أو بتقدمة إلى الأبد" [14]. لم يذكر له تفاصيل العقوبة، إذ لا حاجة لتكرارها، إنما كانت كلمات الرب واضحة وصريحة وحازمة، ربما ليعطي لعالي وابنيه فرصة للتوبة... خاصة أن هذا الحديث تم قبل تحقيق الأحداث بحوالي عشر سنوات...

لقد خاف صموئيل أن يخبر عالي بالرؤيا [15]، ليس خوفًا من أن يغضب عليه، وإنما خشية جرح مشاعره وهو شيخ وقور وأب محبوب لديه جدًا، لم يرد أن يكدره. لكن إذ طلب منه عالي تحدث في صراحة ولم يخفِ عنه شيئًا.

كانت إجابة عالي تكشف عن تقواه بالرغم من ضعف شخصيته أمام ابنيه، إذ قال: "هو الرب، ما يحسن في عينيه يعمل" [18].

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3. الله يسند صموئيل:

19 وَكَبِرَ صَمُوئِيلُ وَكَانَ الرَّبُّ مَعَهُ، وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِنْ جَمِيعِ كَلاَمِهِ يَسْقُطُ إِلَى الأَرْضِ. 20 وَعَرَفَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ أَنَّهُ قَدِ اؤْتُمِنَ صَمُوئِيلُ نَبِيًّا لِلرَّبِّ. 21 وَعَادَ الرَّبُّ يَتَرَاءَى فِي شِيلُوهَ، لأَنَّ الرَّبَّ اسْتَعْلَنَ لِصَمُوئِيلَ فِي شِيلُوهَ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ.

 

إذ دعا الله صموئيل لعمل نبوي قيادي أعطاه إمكانيات العمل ألا وهي:

أ. المعية مع الله: "وكبر صموئيل وكان الرب معه" [19]... الله نفسه هو سر قوة أولاده، يُرافقهم ليهبهم نفسه ويقدم إمكانياته الإلهية بين أيديهم فلا يعوزهم شيء. هذه هي عطيته لمحبوبيه، معيته لهم، كما حدث مع إبراهيم (تك 21: 22) ويعقوب (تك 28: 15) ويوسف (تك 39: 2) وموسى (خر 3: 12) ويشوع (يش 1: 5) وجدعون (قض 6: 16) وداود (1 صم 16: 18).

سِرّ قوة معلمنا بولس الرسول في خدمته هو إدراكه تمتعه بنعمة الله التي هي في جوهرها تجلّي الله نفسه في حياته، لذا قال: "لا أنا بل نعمة الله التي معي" (1 كو 15: 10).

St-Takla.org Image: Therefore Eli said to Samuel, "Go, lie down; and it shall be, if He calls you, that you must say, 'Speak, LORD, for Your servant hears.' " So Samuel went and lay down in his place. (1 Samuel 3:9) صورة في موقع الأنبا تكلا: عالي ينصح صموئيل بالاستماع (صموئيل الأول 3: 9)

St-Takla.org Image: Therefore Eli said to Samuel, "Go, lie down; and it shall be, if He calls you, that you must say, 'Speak, LORD, for Your servant hears.' " So Samuel went and lay down in his place. (1 Samuel 3:9)

صورة في موقع الأنبا تكلا: عالي ينصح صموئيل بالاستماع (صموئيل الأول 3: 9)

* الله هو الكرَّام، ولو تم على أيدي الأنبياء أو الرسل فهو الكراّم. فماذا نكون نحن؟ ربما عمال لدى الكرَّام، نعمل بقوته وبنعمته الممنوحة لنا من لدنه.

 القديس أغسطينوس(54)

* "هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام للمسيح ووكلاء سرائر الله" (1 كو 4: 1). فالوكيل يقوم بإدارة أمور موكله حسنًا دون أن ينسب لنفسه ما لموكله... أتريد أن ترى مثالًا لوكلاء أمناء؟ اسمع ما يقوله بطرس: "لماذا تشخصون إلينا كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي" (أع 3: 12).

وعند كرنيليوس أيضًا قال: "قم أنا أيضًا إنسان"... وبولس الرسول لم يَقِلْ عنه أمانة في قوله: "أنا تعبت أكثر من جميعهم؛ ولكن لا أنا بل نعمة الله التي تعمل معي" (1 كو 15: 10).

 القديس يوحنا الذهبي الفم(55)

ب. أعطاه نعمة في عيني شعبه إذ "لم يدع شيئًا من جميع كلامه يسقط إلى الأرض؛ وعرف جميع إسرائيل من دان إلى بئر سبع أنه قد أؤتمن صموئيل نبيًا للرب" [19-20]. تعبير "من دان إلى بئر سبع" يعني أنه من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، أي في كل أرجاء البلاد (قض 20: 1).

ج. بدأ الله يتراءى في شيلوه معلنًا ذاته لصموئيل بكلمته ليقطع فترة الظلمة حيث كانت كلمة الرب عزيزة [1].

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(43) Nelson: A New Catholic Commentary, p. 309.

(44) Stromata 2: 10; 7: 10.

(45) Ibid 6: 8.

(46) Ladder, Step 4.

(47) الحب الرعوي، 1965، ص 68 .

(48) المرجع السابق، ص 70 .

(49) Cassian: Conf. 2: 14.

(50) Apo. Poemen 54. PG 65: 333-6.

(51) On the need for Consultation.

(52) الحب الرعوي، ص 68 .

(53) الحب الرعوي، ص 71 .

(54) الحب الرعوي، ص 15 .

(55) الحب الرعوي، ص 17 .

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات صموئيل الأول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/09-Sefr-Samoil-El-Awal/Tafseer-Sefr-Samuel-El-Awal__01-Chapter-03.html

تقصير الرابط:
tak.la/rcpp3x5