St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   09-Sefr-Samoil-El-Awal
 

تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب

سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

صموئيل الأول 9 - تفسير سفر صموئيل أول

لقاء شاول مع صموئيل

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب صموئيل اول:
تفسير سفر صموئيل الأول: مقدمة سفر صموئيل الأول | صموئيل الأول 1 | صموئيل الأول 2 | صموئيل الأول 3 | صموئيل الأول 4 | صموئيل الأول 5 | صموئيل الأول 6 | صموئيل الأول 7 | صموئيل الأول 8 | صموئيل الأول 9 | صموئيل الأول 10 | صموئيل الأول 11 | صموئيل الأول 12 | صموئيل الأول 13 | صموئيل الأول 14 | صموئيل الأول 15 | صموئيل الأول 16 | صموئيل الأول 17 | صموئيل الأول 18 | صموئيل الأول 19 | صموئيل الأول 20 | صموئيل الأول 21 | صموئيل الأول 22 | صموئيل الأول 23 | صموئيل الأول 24 | صموئيل الأول 25 | صموئيل الأول 26 | صموئيل الأول 27 | صموئيل الأول 28 | صموئيل الأول 29 | صموئيل الأول 30 | صموئيل الأول 31

نص سفر صموئيل الأول: صموئيل الأول 1 | صموئيل الأول 2 | صموئيل الأول 3 | صموئيل الأول 4 | صموئيل الأول 5 | صموئيل الأول 6 | صموئيل الأول 7 | صموئيل الأول 8 | صموئيل الأول 9 | صموئيل الأول 10 | صموئيل الأول 11 | صموئيل الأول 12 | صموئيل الأول 13 | صموئيل الأول 14 | صموئيل الأول 15 | صموئيل الأول 16 | صموئيل الأول 17 | صموئيل الأول 18 | صموئيل الأول 19 | صموئيل الأول 20 | صموئيل الأول 21 | صموئيل الأول 22 | صموئيل الأول 23 | صموئيل الأول 24 | صموئيل الأول 25 | صموئيل الأول 26 | صموئيل الأول 27 | صموئيل الأول 28 | صموئيل الأول 29 | صموئيل الأول 30 | صموئيل الأول 31 | صموئيل الأول كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إذ أصر الشعب على الطلبة أقام لهم شاول بن قيس البنياميني؛ كان شابًا حسنًا لم يكن في بني إسرائيل أحسن منه، من كتفه فما فوق كان أطول من كل الشعب [1، 2]. يقول الرب لنبيَّه صموئيل: "امسحه رئيسًا لشعبي إسرائيل، فيُخلص شعبي من يد الفلسطينيين لأني نظرت إلى شعبي، لأن صراخهم قد جاء إليّ" [16].

 

1. شاول وأتن أبيه الضالة

 

[1 -5].

2. الغلام يشير عليه باللقاء مع الرائي

 

[6 -14].

3. صموئيل يكشف لشاول رسالته

 

[15 -27].

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. شاول وأُتُن أبيه الضالة:

1 وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنْيَامِينَ اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ أَبِيئِيلَ بْنِ صَرُورَ بْنِ بَكُورَةَ بْنِ أَفِيحَ، ابْنُ رَجُل بَنْيَامِينِيٍّ جَبَّارَ بَأْسٍ. 2 وَكَانَ لَهُ ابْنٌ اسْمُهُ شَاوُلُ، شَابٌّ وَحَسَنٌ، وَلَمْ يَكُنْ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَحْسَنَ مِنْهُ. مِنْ كَتِفِهِ فَمَا فَوْقُ كَانَ أَطْوَلَ مِنْ كُلِّ الشَّعْبِ. 3 فَضَلَّتْ أُتُنُ قَيْسُ أَبِي شَاوُلَ. فَقَالَ قَيْسُ لِشَاوُلَ ابْنِهِ: «خُذْ مَعَكَ وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَقُمِ اذْهَبْ فَتِّشْ عَلَى الأُتُنِ». 4 فَعَبَرَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ، ثُمَّ عَبَرَ فِي أَرْضِ شَلِيشَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا. ثُمَّ عَبَرَا فِي أَرْضِ شَعَلِيمَ فَلَمْ تُوجَدْ. ثُمَّ عَبَرَا فِي أَرْضِ بَنْيَامِينَ فَلَمْ يَجِدَاهَا. 5 وَلَمَّا دَخَلاَ أَرْضَ صُوفٍ قَالَ شَاوُلُ لِغُلاَمِهِ الَّذِي مَعَهُ: «تَعَالَ نَرْجعْ لِئَلاَّ يَتْرُكَ أَبِي الأُتُنَ وَيَهْتَمَّ بِنَا».

 

إذ سأل الشعب صموئيل النبي أن يقيم لهم ملكًا أُختير "شاول الذي يعني "سؤال" ملكًا. لقد أعطاهم ملكًا حسب سؤل قلبهم، إنسانًا حسن الصورة طويل القامة، أما قلبه فلم يكن مستقيمًا. وكما يقول القديس أغسطينوس: [قيل إن "شاول" تعني "سؤلًا". من المعروف جيدًا أن الشعب سأل عن ملكٍ لهم، فتسلموه ملكًا لا حسب إرادة الله بل حسب إرادتهم الذاتية(82)].

St-Takla.org Image: There was a man of Benjamin whose name was Kish the son of Abiel, the son of Zeror, the son of Bechorath, the son of Aphiah, a Benjamite, a mighty man of power. And he had a choice and handsome son whose name was Saul. There was not a more handsome person than he among the children of Israel. From his shoulders upward he was taller than any of the people. (1 Samuel 9:1-2) صورة في موقع الأنبا تكلا: شاول شاب حسن (صموئيل الأول 9: 1-2)

St-Takla.org Image: There was a man of Benjamin whose name was Kish the son of Abiel, the son of Zeror, the son of Bechorath, the son of Aphiah, a Benjamite, a mighty man of power. And he had a choice and handsome son whose name was Saul. There was not a more handsome person than he among the children of Israel. From his shoulders upward he was taller than any of the people. (1 Samuel 9:1-2)

صورة في موقع الأنبا تكلا: شاول شاب حسن (صموئيل الأول 9: 1-2)

لم يتجاهل الكتاب المقدس الجوانب الطيبة التي اتسم بها شاول بل على العكس أبرزها، لكن لم يحتمل شاول الغنى والكرامة إذ كشفا انعوجاج قلبه الداخلي واهتمامه بحب الكرامة الزمنية والمظاهر الخارجية لذا انتهت حياته برفض الله له وحرمان نسله من تولي المُلْك.

بدأ هذا الأصحاح بإبراز نسب شاول الذي يقدمه الله للشعب لاختياره ملكًا حسب هوى قلبهم . كشف الكتاب أنه من سبط بنيامين، من نسل الستمائة الذين نجوا من الحرب وأقاموا في الصخرة رمون (قض 20: 47). وهو سبط صغير العدد جدًا بسبب حرب الأسباط الأخرى ضده (قض 20)، لكنه كان سبطًا مقتدرًا له كرامته. أما شاول نفسه فكان شابًا حسن الصورة "ولم يكن رجل في بني إسرائيل أحسن منه، من كتفه فما فوق كان أطول من كل الشعب" [2].

يروي لنا هذا الأصحاح الأحداث التي انتهت بمسح شاول ملكًا، أحداث قد يراها البعض عارضة، أو محض صدفة، تبدو أحداثًا تافهة بلا قيمة، لكن الوحي الإلهي يكشف لنا كيف أن الله ضابط الكل، يُحّوَّل الأحداث جميعها - مهما بدت تافهة - لتحقيق خطة إلهية من جهتنا، وليس شيء ما يتم مصادفة. هنا نجد أتن قيس تضل فيخرج شاول يبحث عنها لا ليجد الأتن وإنما لكي يُدعى للمُلك، خروج الغلام معه، الذي يشير عليه أن يلتقيا بالرائي، أيضًا وجود نصف شاقل فضة لدى الغلام، لقاء شاول والغلام مع الفتيات الخارجات ليستقين، لقاؤهما مع الرائي... هذه جميعها بدت في الظاهر كأنها أمور تمت بلا تدبير مسبق، لكن الواقع أن الله كان وراء كل هذه الأمور يستخدمها لتحقيق خطته. ليتنا نؤمن أن كل ما يمر بحياتنا -مهما بدا تافهًا- يسير بتدبير الله العارف حتى بعدد شعور رؤوسنا (مت 10: 30-31) والمعتني بالعصافير.

لقد ضاعت أتن قيس وخرج شاول والغلام يبحثان عنها، وكما يقول القديس باسيليوس: [إن الله يستخدم كل فرصة لكي يدعونا للعمل ضاعت الأتن لكي يوجد ملك لإسرائيل(83)].

"الأتن" من الجانب الرمزي تشير إلى "الجهل"، فإن شاول دُعي للمُلك حين ضاعت الأتن، وهكذا لكي نملك مع السيد المسيح يلزم انتزاع الجهل من نفوسنا والتمتع بنور المعرفة. لتخرج الأتن من بيتنا الداخلي وليحل نور المعرفة في أعماقنا فنملك مع مسيحنا النور الحقيقي. عندئذ نقول مع الملك داود: [بنورك يا رب نعاين النور](*). يقول القديس أكليمندس الإسكندري: [إن الغنوسي أو صاحب المعرفة الروحية بحق لا يضطرب من شيء ما... لا يخشى الموت، إذ له الضمير الصالح واستعداد لمعاينة القوات (السماوية)(84)].

مع أن الأتن أمر زهيد لكن شاول بذل جهدًا في البحث عليها إذ عبر في جبل أفرايم ثم في أرض شليشه ثم أرض شعليم فأرض بنيامين وأخيرًا أرض صوف... وإذ مرت ثلاثة أيام في البحث عنها دون جدوى خشى شاول أن يقلق أبوه عليه، فقال للغلام: "تعال نرجع لئلا يترك أبي الأتن ويهتم بنا" [5]. هذه جوانب طيبة في شاول: بحثه الجاد عن الأتن، اهتمامه بمشاعر أقرب الناس إليه، ثم تشاوره مع الغير (الغلام)... هذه سمات تجعل الإنسان جديرًا باستلام دور قيادي وإن كان كبرياء قلبه قد أفسد هذا كله فيما بعد.

St-Takla.org Image: Saul asks for the help of Samuel (1 Samuel 9:3-13) صورة في موقع الأنبا تكلا: شاول يطلب معونة صموئيل (صموئيل الأول 9: 3-13)

St-Takla.org Image: Saul asks for the help of Samuel (1 Samuel 9:3-13)

صورة في موقع الأنبا تكلا: شاول يطلب معونة صموئيل (صموئيل الأول 9: 3-13)

"شليشه" تعني "ثلاثي"(85)، وهي مقاطعة في جبل أفرايم، جنوب غربي شكيم.

"أرض شعليم" تعني "أرض الثعالب"(86)، مقاطعة في أفرايم.

بحسب التقليد اليهودي الغلام المرافق لشاول هو دواغ الأدومي الذي صار فيما بعد مشيرًا له، بسببه قُتل كهنة نوب ونساؤهم وأولادهم حتى ماشيتهم أهلكها (1 صم 22: 7-23).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. الغلام يشير عليه باللقاء مع الرائي:

6 فَقَالَ لَهُ: «هُوَذَا رَجُلُ اللهِ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ، وَالرَّجُلُ مُكَرَّمٌ، كُلُّ مَا يَقُولُهُ يَصِيرُ. لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى هُنَاكَ لَعَلَّهُ يُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا الَّتِي نَسْلُكُ فِيهَا». 7 فَقَالَ شَاوُلُ لِلْغُلاَمِ: «هُوَذَا نَذْهَبُ، فَمَاذَا نُقَدِّمُ لِلرَّجُلِ؟ لأَنَّ الْخُبْزَ قَدْ نَفَدَ مِنْ أَوْعِيَتِنَا وَلَيْسَ مِنْ هَدِيَّةٍ نُقَدِّمُهَا لِرَجُلِ اللهِ. مَاذَا مَعَنَا؟» 8 فَعَادَ الْغُلاَمُ وَأَجَابَ شَاوُلَ وَقَالَ: «هُوَذَا يُوجَدُ بِيَدِي رُبْعُ شَاقِلِ فِضَّةٍ فَأُعْطِيهِ لِرَجُلِ اللهِ فَيُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا». 9 سَابِقًا فِي إِسْرَائِيلَ هكَذَا كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَهَابِهِ لِيَسْأَلَ اللهَ: «هَلُمَّ نَذْهَبْ إِلَى الرَّائِي». لأَنَّ النَّبِيَّ الْيَوْمَ كَانَ يُدْعَى سَابِقًا الرَّائِيَ. 10 فَقَالَ شَاوُلُ لِغُلاَمِهِ: «كَلاَمُكَ حَسَنٌ. هَلُمَّ نَذْهَبْ». فَذَهَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ الَّتِي فِيهَا رَجُلُ اللهِ. 11 وَفِيمَا هُمَا صَاعِدَانِ فِي مَطْلَعِ الْمَدِينَةِ صَادَفَا فَتَيَاتٍ خَارِجَاتٍ لاسْتِقَاءِ الْمَاءِ. فَقَالاَ لَهُنَّ: «أَهُنَا الرَّائِي؟» 12 فَأَجَبْنَهُمَا وَقُلْنَ: «نَعَمْ. هُوَذَا هُوَ أَمَامَكُمَا. أَسْرِعَا الآنَ، لأَنَّهُ جَاءَ الْيَوْمَ إِلَى الْمَدِينَةِ لأَنَّهُ الْيَوْمَ ذَبِيحَةٌ لِلشَّعْبِ عَلَى الْمُرْتَفَعَةِ. 13 عِنْدَ دُخُولِكُمَا الْمَدِينَةَ لِلْوَقْتِ تَجِدَانِهِ قَبْلَ صُعُودِهِ إِلَى الْمُرْتَفَعَةِ لِيَأْكُلَ، لأَنَّ الشَّعْبَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يَأْتِيَ لأَنَّهُ يُبَارِكُ الذَّبِيحَةَ. بَعْدَ ذلِكَ يَأْكُلُ الْمَدْعُوُّونَ. فَالآنَ اصْعَدَا لأَنَّكُمَا فِي مِثْلِ الْيَوْمِ تَجِدَانِهِ». 14 فَصَعِدَا إِلَى الْمَدِينَةِ. وَفِيمَا هُمَا آتِيَانِ فِي وَسَطِ الْمَدِينَةِ إِذَا بِصَمُوئِيلَ خَارِجٌ لِلِقَائِهِمَا لِيَصْعَدَ إِلَى الْمُرْتَفَعَةِ.

 

إذ أراد شاول العودة حتى لا ينشغل أبوه بأمره هو والغلام، سأله الغلام أن يستشير رجل الله ليخبرهما عن طريقهما التي يسلكان فيها [6].

اعتاد اليهود أن يدعو النبي "رجل الله" (يش 14: 6؛ 1 مل 12: 22؛ 2 أي 11: 2)، لأنه يعمل على التقدم بالشعب إلى الله خلال الصلاة والوصية الإلهية والإرشاد والنبوة؛ كما يدعى "إنسان الروح" (هو 9: 7)، بكونه مهتمًا بالروحيات، يعمل بقيادة روح الله؛ وأيضًا يدعى "الرائي" إذ ينظر إلى بعض أمور المستقبل كما ببصيرة روحية مفتوحة.

ادعى بعض النقاد أن هذا السفر يحوي مصدرين مختلفين في الفكر، كما رأينا في المقدمة، قائلين إننا نرى في الحوار بين شاول وغلامه أن الأول يجهل اسم الرائي وموضوعه بينما يسكن قريبًا منه، وكأن صموئيل رٍاء مجهول حتى ممن هم قاطنون بالقرب منه، بينما نجد في ذات السفر صموئيل كنبي عظيم وقاضٍ يحكم الشعب كله ويوجهه... كيف يكون ذلك؟

St-Takla.org Image: Samuel meets Saul (1 Samuel 9:14-17) صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يقابل شاول (صموئيل الأول 9: 14-17)

St-Takla.org Image: Samuel meets Saul (1 Samuel 9:14-17)

صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يقابل شاول (صموئيل الأول 9: 14-17)

أ. يُجاب على هذا بأن شاول عاش في قريته لا يُبالي بالأمور السياسية والدينية الجارية في عصره، فلم تكن الشخصيات البارزة معروفة لديه كما يحدث مع كثيرين من سكان القرى، خاصة مع عدم وجود وسائل إعلام قوية كالعصر الحديث. أذكر أنه في عام 1953 بعد قيام الثورة المصرية كتب أحد المدرسين المنقولين إلى الصعيد إلى عائلته في القاهرة يقول: هنا يوجد أناس لازالوا يظنون أن الملك فؤاد هو حاكم مصر؛ وكأنهم على غير علم بموته وجلوس الملك فاروق ثم عزله وقيام الثورة في يوليو 1952. ربما حمل الحديث نوعًا من المبالغة لكنه يوضح كيف لا ينشغل بعض سكان القرى بالرئاسات الدينية أو المدنية العليا.

يقدم لنا واضع تفسير صموئيل الأول (مركز المطبوعات المسيحية) مثلًا واقعًيا حدث في إسكتلنده، حيث دُعي رئيس كنيسة إسكتلنده ليلقي خطابًا في حفل عام، وكان زعيمًا بارزًا في جيله، كتبت عنه الصحف عدة شهور ونشرت له صورًا مرارًا كثيرة. فلما قدمه رئيس المؤتمر إلى رئيس مجلس المدينة وهو عضو في تلك الكنيسة، سأل: "من هو هذا الرجل؟"... على ذات القياس، في كل عصر نجد الكثيرين ممن لا يهتمون حتى بمعرفة اسم الرئيس الديني.

هذا ونلاحظ أن الغلام الذي يخدم شاول كانت لديه معلومات أكثر عن الرائي وكرامته وموضع سكناه، إذ قال: "هوذا رجل الله في هذه المدينة، والرجل مكرم، كل ما يقوله يصير" [6].

هذا ولا ننسى أيضًا أن صموئيل مثل عالي الكاهن اختلف الاثنان عن بقية القضاة السابقين لهما وربما البعض كانوا معاصرين لهما، إذ التزما بالعمل القيادي الروحي والتوجيه في المسائل الزمنية دون قيادة الجيوش بنفسيهما، إذ لم يكونا رجلي حرب، الأمر الذي لم يكسبهما شهرة بين الشباب، لأن الشباب غالبًا ما تستهويه أخبار الحروب والانتصارات والأعمال البطولية.

 تساءل شاول: "ماذا نقدم للرجل، لأن الخبز قد نفذ من أوعيتنا وليس من هدية نقدمها لرجل الله، ماذا معنا؟" [7].

St-Takla.org Image: Then Saul drew near to Samuel in the gate, and said, "Please tell me, where is the seer's house?" And Samuel answered Saul and said, "I am the seer. Go up before me to the high place, for you shall eat with me today; and tomorrow I will let you go and will tell you all that is in your heart. "But as for your donkeys that were lost three days ago, do not be anxious about them, for they have been found. And on whom is all the desire of Israel? Is it not on you and on all your father's house?" (1 Samuel 9:18-20) صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يخبر شاول عن تتويجه ملكا (صموئيل الأول 9: 18-20)

St-Takla.org Image: Then Saul drew near to Samuel in the gate, and said, "Please tell me, where is the seer's house?" And Samuel answered Saul and said, "I am the seer. Go up before me to the high place, for you shall eat with me today; and tomorrow I will let you go and will tell you all that is in your heart. "But as for your donkeys that were lost three days ago, do not be anxious about them, for they have been found. And on whom is all the desire of Israel? Is it not on you and on all your father's house?" (1 Samuel 9:18-20)

صورة في موقع الأنبا تكلا: صموئيل يخبر شاول عن تتويجه ملكا (صموئيل الأول 9: 18-20)

إن كان شاول قد جهل اسم الرائي وموضع سكناه لكنه تربى منذ الطفولة ألاَّ يدخل بيت الله بيد فارغة، ولا يلتقي برجل الله بيد فارغة. وكانت العادة السائدة أن يقدم الإنسان من طعامه أو محصولاته كما من أمواله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). هذه العادة عاشتها الكنيسة الأولى، فقيل عن والد القديس تكلا هيمانوت الأثيوبي، وهو كاهن، أنه لم يكن يدخل الكنيسة بيد فارغة. الكاهن الروحي مُحِب للعطاء أكثر من الأخذ... أينما وجد يشتاق أن يُعطي. أقول إن كل نفس تلتقي بالله المحبة يحمل طبيعة العطاء في أعماقه، يفرح ويشبع داخليًا مع كل عطاء للغير.

كان مع الغلام ربع شاقل فضة، وهو مبلغ زهيد للغاية، لم يخجل هو وشاول من تقديمه، فإن العبرة لا في الكمية بل في طبيعة العطاء ذاتها أو اتساع القلب بالحب.

كانت الرامة -مدينة صموئيل- قائمة على أكمتين: رَامَتَايِمَ (1 صم 1: 1)، لذا قيل "وفيما هما صاعدان في مطلع المدينة" أي متجهان نحو باب المدينة، التقيا بفتيات خارجات لاستقاء الماء، قلن لهما: "هوذا هو أمامكما، أسرعا الآن، لأنه جاء اليوم إلى المدينة لأنه اليوم ذبيحة للشعب على المرتفعة" [12].

إن كانت الرامة القائمة على أكمتين تمثل كنيسة المسيح القائمة على العهدين، القديم والجديد، فإنه يليق بكل قلب أن يترك ما هو عند السفح ويصعد بروح الله خلال كلمة الله -العهدين- ليعيش في الرامة كرٍاء ينعم بالبصيرة المفتوحة المطَّلِعة على أسرار الله وأمجاده السماوية، ما هؤلاء الفتيات الخارجات لاستقاء الماء إلا رجال العهدين القديم والجديد الذين خلال النبوات والكرازة الإنجيلية يشيرون إلى المسيح السائر أمامنا يرعانا، يفتح طريق الحق ويعبر بنا إلى الجلجثة لننعم بأسرار ذبيحته المخلِّصة.

ماذا قالت الفتيات لهما؟

St-Takla.org Image: And Saul answered and said, "Am I not a Benjamite, of the smallest of the tribes of Israel, and my family the least of all the families of the tribe of Benjamin? Why then do you speak like this to me?" (1 Samuel 9:21) صورة في موقع الأنبا تكلا: شاول يقول لصموئيل أنه من اصغر أسباط إسرائيل (صموئيل الأول 9: 21)

St-Takla.org Image: And Saul answered and said, "Am I not a Benjamite, of the smallest of the tribes of Israel, and my family the least of all the families of the tribe of Benjamin? Why then do you speak like this to me?" (1 Samuel 9:21)

صورة في موقع الأنبا تكلا: شاول يقول لصموئيل أنه من اصغر أسباط إسرائيل (صموئيل الأول 9: 21)

"عند دخولكما المدينة للوقت تجدانه قبل صعوده إلى المرتفعة ليأكل، لأن الشعب لا يأكل حتى يأتي لأنه يبارك الذبيحة، بعد ذلك يأكل المدعوون" [13].

إذ ننعم بالصعود إلى كنيسة المسيح، ماذا نرى؟ نرى مسيحنا الذي تقدم ليأكل، مقدمًا جسده المبذول ذبيحة حب مشبعة لشعبه. يبارك الذبيحة بيديه الطاهرتين ليُعطي مدعويه ليأكلوا ويشبعوا ويثبتوا فيه.

لما دخل الرجلان إلى وسط المدينة "إذ بصموئيل خارج للقائهما ليصعد إلى المرتفعة" [14]. هكذا إذ ننعم بالعضوية الكنسية، ندخل إلى كنيسته فيحملنا إلى جبل الجلجثة (المرتفعة) لنتمتع بسر الذبيحة واهبة المصالحة والمشبعة لاحتياجات النفس.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 3. صموئيل يكشف لشاول رسالته:

15 وَالرَّبُّ كَشَفَ أُذُنَ صَمُوئِيلَ قَبْلَ مَجِيءِ شَاوُلَ بِيَوْمٍ قَائِلًا: 16 «غَدًا فِي مِثْلِ الآنَ أُرْسِلُ إِلَيْكَ رَجُلًا مِنْ أَرْضِ بَنْيَامِينَ، فَامْسَحْهُ رَئِيسًا لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ، فَيُخَلِّصَ شَعْبِي مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، لأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى شَعْبِي لأَنَّ صُرَاخَهُمْ قَدْ جَاءَ إِلَيَّ». 17 فَلَمَّا رَأَى صَمُوئِيلُ شَاوُلَ أَجَابَهُ الرَّبُّ: «هُوَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَلَّمْتُكَ عَنْهُ. هذَا يَضْبِطُ شَعْبِي». 18 فَتَقَدَّمَ شَاوُلُ إِلَى صَمُوئِيلَ فِي وَسَطِ الْبَابِ وَقَالَ: «أَطْلُبُ إِلَيْكَ: أَخْبِرْنِي أَيْنَ بَيْتُ الرَّائِي؟» 19 فَأَجَابَ صَمُوئِيلُ شَاوُلَ وَقَالَ: «أَنَا الرَّائِي. اِصْعَدَا أَمَامِي إِلَى الْمُرْتَفَعَةِ فَتَأْكُلاَ مَعِيَ الْيَوْمَ، ثُمَّ أُطْلِقَكَ صَبَاحًا وَأُخْبِرَكَ بِكُلِّ مَا فِي قَلْبِكَ. 20 وَأَمَّا الأُتُنُ الضَّالَّةُ لَكَ مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَلاَ تَضَعْ قَلْبَكَ عَلَيْهَا لأَنَّهَا قَدْ وُجِدَتْ. وَلِمَنْ كُلُّ شَهِيِّ إِسْرَائِيلَ؟ أَلَيْسَ لَكَ وَلِكُلِّ بَيْتِ أَبِيكَ؟» 21 فَأَجَابَ شَاوُلُ وَقَالَ: «أَمَا أَنَا بَنْيَامِينِيٌّ مِنْ أَصْغَرِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَعَشِيرَتِي أَصْغَرُ كُلِّ عَشَائِرِ أَسْبَاطِ بَنْيَامِينَ؟ فَلِمَاذَا تُكَلِّمُنِي بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ؟». 22 فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ شَاوُلَ وَغُلاَمَهُ وَأَدْخَلَهُمَا إِلَى الْمَنْسَكِ وَأَعْطَاهُمَا مَكَانًا فِي رَأْسِ الْمَدْعُوِّينَ، وَهُمْ نَحْوُ ثَلاَثِينَ رَجُلًا. 23 وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِلطَّبَّاخِ: «هَاتِ النَّصِيبَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ إِيَّاهُ، الَّذِي قُلْتُ لَكَ عَنْهُ ضَعْهُ عِنْدَكَ». 24 فَرَفَعَ الطَّبَّاخُ السَّاقَ مَعَ مَا عَلَيْهَا وَجَعَلَهَا أَمَامَ شَاوُلَ. فَقَالَ: «هُوَذَا مَا أُبْقِيَ. ضَعْهُ أَمَامَكَ وَكُلْ. لأَنَّهُ إِلَى هذَا الْمِيعَادِ مَحْفُوظٌ لَكَ مِنْ حِينٍ قُلْتُ دَعَوْتُ الشَّعْبَ». فَأَكَلَ شَاوُلُ مَعَ صَمُوئِيلَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ. 25 وَلَمَّا نَزَلُوا مِنَ الْمُرْتَفَعَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ تَكَلَّمَ مَعَ شَاوُلَ عَلَى السَّطْحِ. 26 وَبَكَّرُوا. وَكَانَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّ صَمُوئِيلَ دَعَا شَاوُلَ عَنِ السَّطْحِ قَائِلًا: «قُمْ فَأَصْرِفَكَ». فَقَامَ شَاوُلُ وَخَرَجَا كِلاَهُمَا، هُوَ وَصَمُوئِيلُ إِلَى خَارِجٍ. 27 وَفِيمَا هُمَا نَازِلاَنِ بِطَرَفِ الْمَدِينَةِ قَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «قُلْ لِلْغُلاَمِ أَنْ يَعْبُرَ قُدَّامَنَا». فَعَبَرَ. «وَأَمَّا أَنْتَ فَقِفِ الآنَ فَأُسْمِعَكَ كَلاَمَ اللهِ».

 

لقد كشف الله لصموئيل النبي بخصوص مسح شاول ملكًا أو رئيسًا لشعبه، وذلك قبل اللقاء معه بيوم [15]. ويلاحظ أن كلمة "رئيس" جاءت هنا في العبرية nagid تعني "رئيسًا" أو "أميرًا" غير أن الحديث عنه هنا كملك، كما أنه المسحة ذاتها تعني نواله الملوكية(87).

استضاف صموئيل النبي شاول، وكشف له كل شيء، إذ قال له: "وأما الأتن الضالة لك منذ ثلاثة أيام فلا تضع قلبك عليها، لأنها قد وُجدت، ولمن كل شهيِّ إسرائيل؟ أليس لك ولكل بيت أبيك؟!" [20].

في اتضاع أجاب شاول: "أمَا أنا بنياميني من أصغر أسباط إسرائيل، وعشيرتي أصغر كل عشائر أسباط بنيامين؟! فلماذا تكلمني بمثل هذا الكلام؟!" [21].

هنا يليق بنا أن نقف قليلًا لندرك عطايا الله للإنسان المرتفع إلى مدينة الرامة، أي إلى الكنيسة، والملتقى مع صموئيل رمز السيد المسيح.

St-Takla.org Image: Now Samuel took Saul and his servant and brought them into the hall, and had them sit in the place of honor among those who were invited; there were about thirty persons. And Samuel said to the cook, "Bring the portion which I gave you, of which I said to you, 'Set it apart.' " So the cook took up the thigh with its upper part and set it before Saul. And Samuel said, "Here it is, what was kept back. It was set apart for you. Eat; for until this time it has been kept for you, since I said I invited the people." So Saul ate with Samuel that day. (1 Samuel 9:22-24) صورة في موقع الأنبا تكلا: دعوة شاول وصموئيل لوليمة (صموئيل الأول 9: 22-24)

St-Takla.org Image: Now Samuel took Saul and his servant and brought them into the hall, and had them sit in the place of honor among those who were invited; there were about thirty persons. And Samuel said to the cook, "Bring the portion which I gave you, of which I said to you, 'Set it apart.' " So the cook took up the thigh with its upper part and set it before Saul. And Samuel said, "Here it is, what was kept back. It was set apart for you. Eat; for until this time it has been kept for you, since I said I invited the people." So Saul ate with Samuel that day. (1 Samuel 9:22-24)

صورة في موقع الأنبا تكلا: دعوة شاول وصموئيل لوليمة (صموئيل الأول 9: 22-24)

أ. طلب صموئيل النبي من شاول ألا ينشغل بالأتن الضالة، فإنها أمر تافه للغاية أمام ما سيناله من عطايا، مقابل هذا أعلن له أنها قد وجدت، وأنه ينال كل شهي إسرائيل. ألم يسألنا السيد المسيح ألا نهتم بشيء إلا بملكوت الله وهذه كلها تزاد لنا.؟ فإن الله في محبته يهبنا في هذا العالم مئة ضعف (مت 19: 29) بجانب تمتعنا بملكوت الله.

لنترك عنا الارتباك بالأتن الضالة، فيردها الرب إلينا ويعطينا مركبات وخيل، أما ما هو أعظم فإنه يهبنا ملكوته السماوي، كما بقيادة مركبته السماوية، لنترك الأتن الوضيعة الأرضية فنتقبل مركبة الله السماوية!

ب. أخذه صموئيل هو وغلامه إلى المنسك، أي إلى الغرفة بالمرتفعة عند المذبح المعدة للولائم الخاصة بالذبائح، وجعلهما على رأس المدعوين وهم نحو ثلاثين رجلًا [22]، ثم أوصى الطباخ أن يقدم له الساق وما عليها [24]. على أي الأحوال من يترك الانشغال بالزمنيات يرتفع كما إلى الوليمة السماوية وينعم بالطعام السماوي وينال كرامة مضاعفة وشبعًا.

ج. تمتع شاول بحديث سري مع صموئيل عند طلوع الفجر على السطح [25-26]. هكذا إذ ننعم بالطعام السماوي ندخل إلى علاقة سرية مع مسيحنا، نلتقي به مبكرًا، حيث نوجد كما على السطح، مرتفعين نحو السماء لننظر أسراره الإلهية وننصت إلى كلماته الخاصة، محدثًا إيانا عن إقامتنا ملوكًا روحيين (رؤ 1: 6؛  5: 10).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(82) On Ps. 18 (1).

(83) Ep. 159: 1.

(*) إضافة من الموقع: (مز 36: 9).

(84) Strom. 7: 13.

(85) Strong's Exh. Concordance, artic. 8031.

(86) Ibid, 8171.

(87) Nelson: A New Catholic Comm. P. 311.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات صموئيل الأول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/09-Sefr-Samoil-El-Awal/Tafseer-Sefr-Samuel-El-Awal__01-Chapter-09.html

تقصير الرابط:
tak.la/6nd5pmk